عبدالله بن بخيت

ستدخل المملكة مرحلة التخصيص بعد أن هدأت الموجة العالمية وظهرت نتائج هذا التخصيص في دول كثيرة. فشلت في دول ونجحت إلى حد ما في أخرى. من حسن حظ المملكة أن التخصيص فيها لا يصاحبه تحول إيدلوجي أيضا. لا نتحول من نظام فكري إلى نظام فكلي معاكس كما حصل مع دول المنظومة الاشتراكية. واجهت الدول الاشتراكية مشاكل كبيرة ومعقدة فاقمت صراعات وأحدثت أنواعا جديدة من الجرائم. الجزء الأيدلوجي في المملكة ينحصر في البعد الاجتماعي للمنشأة وهذا في أغلبه مفتعل.

باعت الحكومات في بعض الدول مصانع كانت تملكها يعمل بها آلاف من البشر. من منطق الربح قام رجال الاعمال الذين اشتروا هذه المصانع بإغلاق كثير منها وتسريح آلاف العمال بعد رأوا أن تحويل أرض المصنع إلى سكنية وسياحية يعطي أرباحا أعظم. منطق الربح سيؤيد هذا القرار ولكن منطق الوطن يعتبر هذا القرار كارثة. أرباح المصنع ليست في العائدات وحدها بل في الوظائف التي يؤمنها أيضا.

في ظني أن الاخذ بالتجربة الاميركية في أي شيء خطأ جسيم. تختلف أميركا عن بقية دول العالم. ما يصلح في أميركا لا يمكن تطبيقه بسهولة في دول أخرى حتى الدول الكبرى المشابهة في الحجم كالصين وروسيا. قامت أميركا على المغامرة والصراعات وعلى ذلك تصاغ القوانين والأنظمة. الدولار أعلى قيمة من الإنسان نفسه. بعكس الدول الاسكندنافية التي يقوم فيها النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي على قاعدة (الإنسان أولا). رعاية الإنسان, سعادة الإنسان, أمن الإنسان, حرية الإنسان, صحة الإنسان. المواطن الاسكندنافي يعيش مكفولا من المهد إلى اللحد. لا نسمع جرائم معقدة في تلك البلاد ولا نسمع انشقاقات سياسية ولا نسمع بالثراء الفاحش بين الأفراد ولا نعرف عنهم طموحات إمبريالية تجاه الأمم الأخرى. نكاد لا نعرف عنهم سوى أنهم سعداء. بيد أن الوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة من التحضر أمر شاق.

تأسست المملكة على خدمة المواطن. يتضح هذا في نواحي الحياة الأساسية (العلاج والأمن والتعليم). عشنا وآمنا أن هذه العناصر الثلاثة هي التمثيل الأساسي لكلمة دولة في العصر الحديث. إذا لم تقم بها الحكومة فما دور الحكومة إذاً.

في نظري يتوجب ان تبقى هذه القطاعات الثلاثة في يد الحكومة بالكامل. تخصيص أي من هذه العناصر أو اجزاء منها لن يحل الإشكالات التي تعاني منها الآن وإذا جاءت بحل لبعضها سوف تستولد مشاكل أكثر خطورة. من أهم المخاطر المتوقعة أن تفصل الشعب إلى طبقتين متباغضتين.

إذا اردنا ان نحل المشاكل التي تعاني منها هذه القطاعات نلجأ للشفافية. أن تكون تحت رقابة الرأي العام.