أحمد الفراج

يعتبر الكونجرس الأمريكي، أي مجلس الشيوخ ومجلس النواب، إحدى السلطات الثلاث، التي تدير الإمبراطورية الأمريكية، بجانب الرئيس، والمحكمة العليا، واليوم يسيطر الجمهوريون على الكونجرس، وهذا يفترض أن يخدم الرئيس ترمب. هذا، ولكن، من حسن حظ ترمب أو سوئه، لا توجد في الكونجرس حاليًا أي أسماء سياسية من العيار الثقيل، إذ يتفق المراقبون على أن رئيس مجلس الشيوخ، السيناتور ميتش مككونيل، ورئيس مجلس النواب، بول راين، لا يرقيان إلى مستوى موقعيهما الهامين، فمواقفهما متذبذبة، ولا يملكان القوة والتأثير، التي يفترض أن يملكها من يتسنم مثل هذه المواقع النيابية الهامة، وهذا لا ينفي وجود بعض الأسماء المميزة، مثل السيناتور الجمهوري، جون ماكين، الذي لم يعد بلياقته الذهنية والبدنية التي كان عليها فيما مضى.

عندما نتحدث عن أعضاء الكونجرس العظماء والكبار، خلال التاريخ النيابي لأمريكا، الذي يتجاوز عمره المائتي سنة، فإننا نتحدث عن قامات سياسية شامخة، كان لها تأثير كبير في مجريات السياسة الأمريكية داخليا وخارجيا، وهي الأسماء التي لا يوجد من هو قريب من مستواها في الكونجرس الأمريكي الحالي، إذ يتفق معظم المؤرخين على أسماء نيابية تاريخية، مثل هنري كلي من ولاية كنتاكي، ودانيال ويبستر من ولاية ماسشيوستس، وجون كالاهان من ولاية جنوب كاليفورنيا، وروبرت فوليت من ولاية ويسكانسن، وروبرت تافت من ولاية أوهايو، وعلاوة على هذه الأسماء الكبيرة، يضيف لهم بعض المؤرخين روبرت واقنر من ولاية نيويورك، وارثر فندربرج من ولاية ميتشجن، وهوبرت همفري من ولاية منيسوتا، وليندون جانسون من ولاية تكساس، الذي أصبح رئيسا فيما بعد، ووقع قانون المساواة التاريخي بين البيض والسود، في نهاية ستينات القرن الماضي.

لا يمكن أن أكتفي بهذه القائمة من كبار الساسة في الكونجرس الأمريكي عبر تاريخه، دون أن أضيف اسم السيناتور ادوارد كينيدي, وهو سليل أسرة آل كينيدي، وشقيق الرئيس الشاب، جون كينيدي، الذي اغتيل بطريقة مأسأوية، في حادثة لا تزال مثار جدل حتى اليوم، ويلقب المراقبون أدوار كينيدي بالعملاق، كما أنه يسمى «أسد مجلس الشيوخ»، إذ كان رقمًا صعبًا لا يمكن تجاوزه، كما كان شخصية مزعجة لكل الرؤساء، الذين عاصروه، مثل نيكسون وكارتر وريجان، وآل بوش الأب والإبن على وجه الخصوص، وعودا إلى الكونجرس الحالي، فإننا لا نتوقع أن يكون فيه أسماء كبرى، مثل القائمة أعلاه، ولكن على الأقل يفترض أن يضم شخصيات سياسية مؤثرة، تستطيع أن تصنع الفارق، في ظل وجود رئيس جريء وواضح، مثل ترمب، لأن الكونجرس الحالي، ورغم أن أغلبيته من حزب الرئيس، إلا أنه أصبح حجر عثرة في طريق ترمب، وهو الأمر الذي اشتكى منه مرارا، فهل سيستمر هذا الكونجرس المهزوز، أم سيتغير الأمر، بعد الانتخابات النصفية، في نهاية عام 2018! ننتظر ونرى!