كلمة الاقتصادية

لم تمر إيران بأية مرحلة زمنية شهدت تحسنا في مجال حقوق الإنسان، بل لم تمر بفترة أوقفت (ولو بصورة استعراضية) انتهاكاتها لحقوق الإنسان، ليس فقط تلك التي تستهدف الأقليات (ولا سيما العرب السنة)، بل أيضا شرائح واسعة من الإيرانيين أنفسهم. فالقبضة الأمنية بشعة، والظلم ليس له حدود، والتجاوزات تتم على مدار الساعة. وقد تقدم في السنوات الماضية عدد من الشخصيات الإيرانية ذات التوجه الإصلاحي الحقيقي لا الاستعراضي، لتفضح ما استطاعت الأوضاع غير الإنسانية في إيران، ناهيك عن التزوير في الانتخابات بكل أنواعها الرئاسية والبلدية والمحلية، إلى درجة أن ما يمسى بـ "الحرس الثوري" يتدخل بصور مشينة في انتخابات تخص مدرسة هنا وجامعة هناك.

كل هذا يؤكد مجددا مدى هشاشة النظام الإيراني. فمثل هذه الأنظمة تذهب بقمعها وظلمها إلى أبعد الحدود من أجل حماية نفسها، لأنها تعرف ألا قاعدة شعبية لها، والشعبية الوحيدة الموجودة في الحالة الإيرانية هي تلك الآتية من "الحرس الثوري"، الذي يمكن اعتباره محتلا للبلاد، وناهبا لثرواتها، وناشرا للرعب في كل الأرجاء. 

نظام الملالي الذي يعمل بهذا الشكل منذ أكثر من ثلاثة عقود، لا يمكنه أن يتغير للأفضل. وقد أثبت فشله في هذا المجال، بعد أن سنحت له الفرصة بعد الأخرى للتغيير، وإقامة علاقات طبيعية مع جيرانه، بما يخدم الشعب الإيراني أولا، وشعوب المنطقة معه. إنه نظام يشكل الخراب الضامن الوحيد له، ولهذا لا خير يرتجى منه لا الآن ولا في المستقبل.

المملكة وضعت (مرة أخرى) النقاط على الحروف، في بيانها أمام الأمم المتحدة، تعليقا على حالة حقوق الإنسان في إيران. والحق أن السعودية، قالت هذا الكلام مرارا منذ سنوات، ولا سيما بعدما تأكدت أنه لا رجاء من نظام تخريبي طائفي عدواني على الإطلاق. بل قدمت الصورة الأوضح في هذا المجال للعالم أجمع. بدءا بالظلم الرهيب الذي يمارسه نظام علي خامنئي على سكان الأحواز، وبعمليات القتل والإعدام التي يتعرض لها شباب هذا الإقليم، مرورا بالطبع بالتدخلات الإيرانية في غير بلد، وممارسة أبشع الانتهاكات لحقوق الإنسان فيها، وفي مقدمتها قتل الأبرياء، والتهجير، والتسبب في النزوح، من خلال دعمها لعصابات وأنظمة تتطابق مع نظام الملالي إلى حد التماهي.

لا مؤشرات على أية بارقة أمل يمكن للتحول الإيراني نحو جادة الصواب، هذا هو الاستنتاج السعودي المستند ليس فقط على معلومات متداولة بل حقائق وتجارب مباشرة. فطهران لم تحترم يوما اتفاقية لحقوق الإنسان، وتضرب دائما عرض الحائط بكل المواثيق الدولية في هذا المجال، حيث تضيف يوميا إلى سجلها المشين جريمة جديدة. ناهيك عن تمويلها ودعمها للإرهاب، وإنشاء المنظمات والعصابات الإرهابية المساندة لها بأموال الشعب الإيراني. وهذا الأخير لم يستفد في الواقع من أي عائد مالي وطني، ما رفع عدد الإيرانيين الغارقين دون خط الفقر. السعودية قالتها واضحة أمام المنظمة الدولية: سجل إيران الأسود في حقوق الإنسان يشهد لها، وإن نظام خامنئي يختلق ما أمكن له من فوضى في المنطقة، لأسباب إجرامية تستند إلى مبادئه أولا، ولكي يصرف الأنظار عن فداحة الوضع الإيراني الداخلي ثانيا.

النظام الإيراني يبقى الإرهابي الأول في العالم، والمسألة لا تحتاج إلى مجهود لمعرفتها.