رياض نعسان آغا

نحرص على أن ينجح مؤتمر الرياض المزمع عقده في 22/11/2017 في توسيع دائرة المشاركة عبر حضور منصة القاهرة ومنصة موسكو، وآخرين، وليس سرّاً أن هناك بين من يعلنون المعارضة شخصيات لم توافق على بيان الرياض، وهي أقرب إلى النظام منها إلى المعارضة. وهناك من يريدون حلاً بأي شكل حتى لو كان مخالفاً لأهداف الشعب المعارض، ولكن الأكثرية الكبرى في صفوف المعارضة من الفصائل ومن الائتلاف الوطني ومن هيئة التنسيق الوطنية ومن المستقلين أعلنوا تمسكهم ببيان الرياض، وأقبلوا على التفاعل الإيجابي مع المسار السياسي الدولي بمرجعية بيان جنيف والقرارات الدولية التي كانت جادة في السعي إلى حل نهائي عبر تشكيل هيئة حكم انتقالي غير طائفي كامل الصلاحيات، يشير إلى نهاية عهد الديكتاتورية وبداية عصر الديمقراطية في سوريا.

وقد أتيح لي أن أرافق مسار التفاوض في جنيف، وأن أحضر الإعداد له عبر اجتماعات الهيئة العليا في الرياض، بوصفي عضواً في الهيئة ومتحدثاً باسمها، وكنت دائماً أقول «إن دور الهيئة قد تحول إلى دور حارس المرمى، وبدت مهمته أن يمنع الفريق الخصم من إدخال أهداف في مرماه، ولكنه لا يستطيع على الغالب أن يدخل هدفاً في مرمى الخصم لأن دوره محدود جداً». 

وقد عبرت الهيئة عن حرصها الشديد على التمسك بالقرارات الدولية والالتزام بها، وحثت ديمستورا على أن يلتزم بهذه القرارات وبخاصة القرار 2254 الذي رسم مسار العملية التفاوضية وقبلنا به لأنه أفضل الممكن وتجاوزنا ملاحظاتنا وتحفظاتنا كي تنطلق عملية التفاوض. وكنا نشدد على أن يبدأ التنفيذ من المواد التي جعلها القرار مقدمات فوق التفاوض، وهي وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المعتقلين، وفك الحصار، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، وهذه القضايا مطالب أساسية للبدء بالتفاوض. لكن ديمستورا عجز عن تحقيق ذلك، وأراد إحالة هذه المطالب إلى جلسات التفاوض، خلافاً لما هو واضح في متن القرار، وهذا ما عطل مسار التفاوض في جولاته الأولى، فضلاً عن كون النظام أعلن رفضه القاطع لهذه المطالب التي اعتبرها القرار مرحلة حسن النوايا، ورفض الدخول في أي تفاوض يتحدث عن الانتقال السياسي.

كانت اتفاقية كيري- لافروف حول وقف إطلاق النار اتفاقية بين دولتين، غاب عنها النظام والمعارضة معاً، والتزم بها الثوار المقاتلون، ولكن روسيا كانت يومذاك لا تعترف بهم، وتنكر وجود معارضة معتدلة، وتمكنت من جعل محاربة الإرهاب الموضوع الرئيس، ولكن القصف بدأ ينهال على المعارضة وقواها من قبل النظام وروسيا ومن «داعش» أيضاً، وكان ينصب على المدنيين تحت لافتة مكافحة الإرهاب، وتعطلت مسيرة التفاوض مرة بسبب الحصار الخانق على مضايا وداريا والغوطة وسواها، ومرة بسبب القصف الوحشي على حلب، وسجلنا آلاف الاختراقات لاتفاقية وقف إطلاق النار، ولم تقبل روسيا حضور اللقاءات الدولية التي كانت تعقدها الهيئة العليا مع ممثلي وسفراء الدول الصديقة. ولم يتوقف حوار المعارضة عامة معها بعد أن تجسد تفردها بالملف السوري، ولاسيما في نهاية عهد أوباما وانشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية، وقد تلاها صمت مريب، تتخلله تصريحات متناقضة أحياناً، حتى ظهر الرئيس ترامب أكثر جدية في ملف الكيماوي الذي عطلته روسيا بالفيتو العاشر في سياق دفاعها المستمر عن النظام.

ولن أسرف في استعراض ما عانته الهيئة من خذلان دولي أحياناً، ومن صمت غير مبرر على استمرار النظام في القصف والعنف كما حدث قبل أيام في سوق الأتارب رغم صدور بيان مشترك حول الحل السياسي بين الرئيسين بوتين وترامب، أكدا فيه رفضهما للحل العسكري، وربما جاء قصف الأتارب إنهاء لفاعلية البيان بعد يومين من صدوره، ولاسيما بعد التنصل الروسي مما نص عليه الاتفاق حول عدم شرعية وجود الميليشيات الإيرانية.

ونرجو أن يكون لقاء المعارضة في مؤتمر الرياض القادم وقفة أكثر جدية في معالجة المعوقات التي جعلت الهيئة العليا للتفاوض لا تجد شريكاً تفاوضه، وتضطر إلى أن تصير حارس مرمى وطني، ونحمد الله أنها نجحت في منع دخول أي هدف معادٍ في مرماها.