علي الشريمي

اللافت أن خبر إسقاط الشورى التوصية التي تطالب بتمكين المرأة السعودية من المناصب القيادية في السفارات ليس بالجديد، فقد كانت ذات المعارضة في التصويت عام 2015

مع أننا في المملكة حققنا انطلاقة مهمة بإقرار الكثير من حقوق المرأة السعودية على كافة الأصعدة، إلا أنه ما زالت هناك ممانعة من البعض تجاه تولي المرأة السعودية مناصب قيادية عليا، في السفارات والقنصليات والملحقيات والمناصب القيادية في المنظمات الدولية، فقد أسقط مجلس الشورى في جلسته الثلاثاء الماضي، توصية تطالب بتمكين المرأة من مناصب قيادية في سفارات المملكة بالخارج، بفارق صوت واحد لصالح الرافضين. السؤال: ما السبب في هذه الممانعة؟ هل المرأة السعودية غير قادرة على تولي المناصب القيادية كوزيرة أو سفيرة مثلا؟ 
في الواقع المتابع لمسيرة المرأة السعودية سيجد أنها أثبتت وبقوة قدرتها على تولي المناصب القيادية، وقد احتلت المرأة السعودية الصدارة في قائمة «فوربس» لأقوى 200 امرأة عربية، مثل الأميرة ريما آل سعود باعتبارها رئيسة ومديرة تنفيذية لـ«ألفا إنترناشيونال»، وهي واحدة من الشركات الكبرى، ونادية خالد الدوسري، الرئيس التنفيذي والشريك في شركة السيل الشرقية المحدودة، والأميرة مضاوي آل سعود رئيسة مجلس إدارة شركة لوذان، والدكتورة عائشة ناتو رئيس مجلس شركة العين للبصريات، والقائمة تطول.. ومن جهة أخرى نجد أن المملكة قامت بتدريب المرأة وتمكينها عبر إلحاقها بالتعليم العالي والابتعاث، والاشتراك بالمحافل الدولية، والملحقيات والبعثات الدبلوماسية، وتبوئها مناصب إدارية عليا، مما رفع درجة جاهزيتها للتمثيل القيادي، سواء في الوزارات أو حتى في السفارات والقنصليات، وهناك دراسات كثيرة علمية أثبتت أن المرأة عند تمكينها من المناصب القيادية تنجح فيها، ولذلك نجد الكثير من الدول العربية والإسلامية لها سفيرات ووزيرات، بل أكثر من ذلك، فقد وصلن إلى الرئاسة، كان آخرها في سبتمبر الماضي عندما تولت حليمة يعقوب، وهي سيدة مسلمة، منصب رئاسة سنغافورة، لمدة 6 سنوات. 
الملاحظة هنا أنه ليس هناك أي اعتراض من جهات دينية، ولا يوجد أي حساسية في المجتمع هناك لأي قضية متعلقة بمشاركة المرأة في المناصب القيادية. ما السبب إذن في حالة الممانعة؟ هل حالة الممانعة ترجع إلى ذلك الخطاب الديني السائد، المحذر من تولية المرأة ولايات عامة، استنادا إلى اعتبارات دينية؟ أو أن السبب يعود إلى الثقافة المجتمعية المتأثرة بأعراف وتقاليد قبلية، لا ترى أهلية المرأة لهذه المناصب القيادية؟ 
الحقيقة تقول والشواهد التاريخية تؤكد أن السلطة السياسية عندما تكون منفتحة على حقوق المرأة تكون هي العنصر الحاسم، خاصة عندما تنظر القيادة للوعي العام في الحركة النسوية، وهذا ما نشهده تاريخيا في كل القرارات المتعلقة بحقوق المرأة السعودية، بدءا بتعليمها في مدارس التعليم العام، مرورا بعملها الوظيفي خارج بيتها، وصولا إلى حقوقها السياسية في مجالس الشورى والمجلس البلدي مرشحة وناخبة، وأخيرا السماح لها بقيادة السيارة. 
اللافت أن خبر إسقاط الشورى التوصية التي تطالب بتمكين المرأة السعودية من المناصب القيادية في السفارات ليس بالجديد، فقد كانت ذات المعارضة في التصويت عام 2015، ولكن الفارق الآن بأن صوتا واحدا فقط رجح كفة الرافضين، وهذا بحد ذاته يعد تطورا نوعيا في الوعي العام للمجلس. أخيرا أعتقد بأن القيادة ستحسم هذا الملف قريبا، خاصة أن تغيير الصورة النمطية عن المرأة السعودية هو جزء من الرؤية الحديثة، وسنسمع قريبا بأن المرأة السعودية تتصدر مؤشر احترام المرأة عالميا في الحفاظ على كرامتها، وتعزيز مكانتها وفق تقرير مؤشرات التطور الاجتماعي في دول العالم، وأنها ستحتل المرتبة الأولى عربيا في تمكين المرأة قياديا وليس ذلك ببعيد.