الرياض - فطين عبيد 

أكد السفير الفلسطيني لدى الرياض باسم الآغا أن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة دولة الاحتلال لا يعطي أية شرعية لإسرائيل، ولن يغير من واقع مدينة القدس، على رغم خطورته، إذ إن القدس مدينة عربية إسلامية مسيحية فلسطينية وستبقى عاصمة لدولة فلسطين، وهذا ليس كلاماً نظرياً.

وقال الآغا لـ«الحياة»: «إننا بصمودنا وإيماننا ووحدتنا ودعم أشقائنا من الدول العربية الشقيقة وبالتنسيق مع الأشقاء في العالم، سنبقى جبهة موحدة ندافع عن القدس والحرية والعدالة، ونحن على يقين أننا سننهي الاحتلال، فما من احتلال يبقى سواء طال الزمن أم قصر».

وأضاف أن هذه الخطوة ستقرب من إنهاء الاحتلال، إذ إن البعض يتخيل أن قضية فلسطين ماتت أو تلاشت، وها نحن جميعاً نرى انتفاضة الشعب الفلسطيني، وكلنا يتابع مواقع التواصل الاجتماعي، التي التهبت لمواجهة ترامب والاحتلال الإسرائيلي، علماً أن مواقع التواصل ليست بديلاً عن التحرك في الشارع، ولكن كل الجهات في العالم تتابع نبض مواقع التواصل بدقة. وأشار إلى أن إقدام ترامب على نقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس نسف عملية السلام، وطعن الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، وكيف لرئيس أكبر دولة لا يعترف بالشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة؟

وتابع الآغا: «ترامب انحاز بالكامل لإسرائيل، ومن يتخيل أن قضية فلسطين انتهت فهذا في أحلامهم، قضيتنا تتجدد، والاحتلال الإسرائيلي ينسف البيوت، ويزيد الاعتقالات، ويسعى إلى تدمير بنية الشعب الفلسطيني ظناً منه أن شعبنا سيرفع الراية البيضاء، وهذا لن يحدث».

وبين أنه لم يسبق أن رفعنا الراية البيضاء أثناء العدوان على العاصمة اللبنانية بيروت، أو على قطاع غزة، أو مخيم جنين، شعبنا لم يرفع الراية البيضاء للدولة التي لا تغيب عنها الشمس (بريطانيا) التي كانت تعلق مجاهدينا على أعواد المشانق، وأذاقتنا كل أنواع الظلم والقهر.

ورأى أن ترامب لديه عقدة من الرئيس الأميركي السابق بارك أوباما، فما من قرار اتخذه أوباما إلا وترامب يريد شطبه، لافتاً إلى أن ترامب لم يأخذ العبرة من هبة القدس قبل أشهر، والتي كانت «بروفة» أو مقدمة، فالمقدسيون سيتصدون بصورهم العارية، وجباهم المرفوعة دوماً في مواجهة الاحتلال، مشيراً إلى أن اليوم الجمعة بعد الصلاة في المسجد الأقصى ردة فعل الشارع الفلسطيني ضد القرار ومن يظن أنها أيام وينتهي صمودنا يكون واهماً. 

وتابع الآغا: «نحن أمام منعطف سياسي جديد ونوعي أسقط نزاهة أميركا. هل هذه الصفقة المشؤومة هي صفقة القرن التي تحدث عنها ترامب؟ الكل يدرك أن قراره ليس ملزماً للشعب الفلسطيني»، لافتاً إلى أن ترامب يريد أن يكون الفلسطينيون عبيداً عند الإسرائيليين، إلا أننا شامخون ونتحدى الاحتلال، كلنا في الضفة الغربية وقطاع غزة وداخل الخط الأخضر والمنافي البعيدة والقريبة وامتداد القارات الست ننتفض ضد القرار».

وقال: «نثمن موقف السعودية الحاسم والحازم والقوي الراسخ، ونفخر بمواقف المملكة، وبخاصة ما صدر عن وزارة الخارجية، ومجلس الوزراء، وبيان الديوان الملكي، والمواقف التاريخية والنبيلة، التي تطالب الإدارة الأميركية بأن تراجع موقفها، وتنحاز للإرادة الدولية، وتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، واعتبرت القرار يمس بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني».

وأشار إلى أن مكالمة خادم الحرمين الشريفين مع الرئيس ترامب واتصالات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي لم تعلن، كلها لها دور في التواصل مع زعماء العالم الإسلامي والأوروبي لاتخاذ موقف حازم بالوقوف إلى جانب مدينة القدس، مشيراً إلى أن شعبنا ضحية للقوى العظمى، وهناك اجتماعات مستمرة للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمجلس الوطني الفلسطيني، والأطر الفصائلية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبالتأكيد سيكون هناك موقف لمواجهة هذا الامتهان، وستبقى القدس استثنائية على كل الصعد في العالم العربي والإسلامي والمسيحي.

وأكد أننا سنستمر على دربنا في مقارعة الاحتلال ومواجهة كل من يريد أن يحرمنا من أن نعيش بكرامة على أرض الآباء والأجداد، ونحن بوحدتنا الوطنية سنتحدى القرار، الذي يتعارض مع القانون الدولي، والذي يشكل تهديداً لعملية السلام في المنطقة، ويهدد الأمن والسلم الدولي، لافتاً إلى أن أميركا لم تعد جديرة بلعب دور الوسيط، حتى بابا الفاتيكان ورئيسة وزراء بريطانيا، ورئيس فرنسا، وهولندا، كلهم طالبوا بعدم إعلان القرار، ومع عناد ترامب العالم متخيلاً أنه سيحطم إرادة الشعب الفلسطيني.

وذكر الأغا أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أعلن أن القدس ستبقى عربية إسلامية وعاصمة لدولة فلسطين، وإرادة شعبنا قادرة على المواجهة، مشيراً إلى تصريح الصحافي الإسرائيلي أورلي أوربي بصحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية، الذي قال فيه: «صحيح أن ترامب يريد أن يعطي إسرائيل هدية بنقل سفارة أميركا إلى القدس، ولكن هذه الهدية ستتحول إلى بارود متفجر ضد إسرائيل».

وبين أن قطعة الأرض التي ستقام عليها السفارة الأميركية في القدس مملوكة لعائلة الفتياني المقدسية، وهي ملك لتهام الخليلي وحسنية الفتياني، مبيناً أن القرار ينغص على إخوتنا المسيحيين، الذي يستعدون للاحتفال بأعياد الميلاد، إذ إنهم أطفأوا شجرة الميلاد في الوقت الذي سيطفئ الأقصى أنواره إذا لم يتحقق السلام العادل والشامل.

وذكر أن مبادرة السلام العربية تؤكد أن هناك تداعيات خطرة ستحدث، لأن فلسطين في قلب السياسات الداخلية والخارجية للسعوديين، وهم يبذلون كل الجهود لنصرة القدس، لافتاً إلى أن الرئيس الفلسطيني يؤكد دوماً أننا مطمئنون لقرارات إخوتنا في السعودية، كما أن خادم الحرمين الشريفين واكب القضية الفلسطينية من بدايتها، فمنذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز ورسالته إلى الرئيس الأميركي ازنهاور، يؤكد أهمية فلسطين للسعوديين، كما أن أبناءه استمروا على النهج ذاته في الدفاع عن فلسطين والقدس.

وقال الآغا إن الفلسطينيين لن ينسوا شهيد القدس الملك فيصل ودفاعه عن فلسطين، ويدرك العالم أن بريطانيا احتلت فلسطين وسلمتها لإسرائيل ومازال الأحفاد يطالبون بممتلكاتهم وأرضهم المسلوبة في فلسطين.