سعيد السريحي

لم تكن منطقة الشرق الأوسط بحاجة لمزيد من المغامرات السياسية، ذلك أنها باتت تعاني من الصراعات والقضايا المعلقة والحروب التي لا يعرف أحد متى تنتهي ما يعجز ساسة العالم مجتمعين ومتفرقين على حله ووضع حد له.

التمدد الإيراني الذي تتسارع وتيرته في أكثر من دولة عربية رغم الاستنكار الدولي وسعي دول عربية لوضع حد له، والانقلاب على الشرعية في اليمن وانخراط ميليشيات الحوثي في تنفيذ الأجندة الإيرانية، وتمدد حزب الله وسيطرته على مفاصل الدولة في لبنان وتدخله في الشؤون الداخلية لدول الجوار رغم ما هو معلن من سياسة النأي بالنفس من قبل الدولة اللبنانية، تهديد الجماعات الإرهابية وعلى رأسها داعش والقاعدة لكثير من دول المنطقة رغم الحرب التي يشنها التحالف الدولي عليها، استمرار الحرب في سوريا وتزايد معاناة الملايين من السوريين الموزعين بين اللجوء لدول خارجية لا تكاد تتقبل إقامتهم فيها ومناطق داخلية لا توفر لهم الأمن ولا الحياة الكريمة..

هكذا هي منطقة الشرق الأوسط تغرق في مستنقع من الخلافات والحروب والصراعات على نحو لا تحتاج معه إلى مزيد من المعاناة لولا أن الرئيس الأمريكي ترمب أراد لها مزيدا من المعاناة ومزيدا من جبهات القتال ومزيدا من المعضلات التي لا تجد من يجد لها حلا وذلك بإعلان رغبته في اعتماد القدس عاصمة لإسرائيل وهو القرار الذي أدرك رؤساء سابقون لأمريكا خطورته وتريثوا في اتخاذه.

وترمب يدرك مدى خطورة قراره هذا ويدرك أنه يتعارض مع سياسة أمريكا التي تسعى لإعادة علاقاتها بدول المنطقة وتحقيق مزيد من الشراكات السياسية والاقتصادية والأمنية معها، ويدرك كذلك أن هذا القرار يتعارض مع إستراتيجيته التي ألمح لها في أكثر من مناسبة والتي تسعى أمريكا من خلالها إلى وضع حل شامل للصراع العربي الإسرائيلي في المنطقة، ترمب يدرك ذلك كله ولذلك يبقى قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قرارا لا يستطيع أحد أن يفسره فضلا عن أن يتقبله في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ المنطقة.