رقية سليمان الهويريني

ما إن يصرِّح مسؤول أو يكتب صاحب رأي أو ينتقد مواطن تصرفًا سلبيًّا حتى يهب بعض المتنمرين، ويشنون هجومًا إلكترونيًّا عليه دون اعتبار لمكانته الرسمية، أو تقدير لرأيه، أو احترام لإنسانيته! وعادة يمارَس هذا الأسلوب ممن لديهم شعور بالتنمر، والرغبة في السيطرة على الطرف الآخر، وإخضاعه، والاستهزاء به، وجعله مجالاً للسخرية.. وتبدو الغيرة أحد أسباب التنمر الإلكتروني، وقد يكون الغضب منه أو الحقد عليه أو ابتزازه.

وللتنمر أساليب قذرة، منها سرقة الحسابات الشخصية للمستهدَف، واستعمالها لأغراض التطفل عليه، أو الإساءة له بطريقة عدائية متعمدًا فيها الإيذاء، أو انتحال شخصيته عبر حسابه في الفيس بوك، أو تويتر، ومن ثم إطلاق الإشاعات باسمه، أو نشر صور خاصة به.

وفي السابق كان يستخدم هذا الأسلوب أشخاص مجهولون، ولكن ظهر مؤخرًا تسجيل مصوَّر في سناب شات، يتحدث من خلاله الشخص، ويعتدي بالكلام البذيء على آخرين دون التثبُّت من مصداقية المعلومات التي ينشرها، وقد يتلفظ بألفاظ نابية لا تليق! أو يفجر بالخصومة؛ فيظهر تشفيه بأشخاص تعرَّضوا للمرض، وينسب ذلك لدعاء الناس عليه، أو الشماتة بتغيُّر حالهم، أو وفاة أقاربهم، وهو أقسى أنواع التنمر!

وما يؤسف له انتشار التنمر على مساحات واسعة في وسائل الإعلام، وقنوات التواصل الاجتماعي، حتى وصل للصحف الإلكترونية؛ إذ تسمح بالتعليقات الخارجة عن الذوق، فضلاً عن الدخول بالذمم وإطلاق الاتهامات!

وأزعم أن المجتمع بتخاذله عن دحر التنمر، وعدم الوقوف في وجه المتنمرين، قد تسبب لأفراده بتفشي هذه الثقافة المقيتة بدافع من العقل الجمعي الذي تدعمه هشاشة التعليم، وقصور التربية الأسرية، فضلاً عن توافر بيئة مناسبة لهذا الغثاء!

وإني لأرجو أن يكف جميع المتنمرين عن إساءاتهم، ويعتادوا احترام الأطراف الأخرى؛ فالكون فسيح، والفضاء واسع، ولم أجد مثل الخُلق النبيل تاجًا للإنسانية!