أحمد الجميعة

الأمن الخليجي ومصير وجوده المشترك هو الأهم في منعطف السياسة، والمصالح، والتدخلات، والأجندات الفكرية، ومهما يكن من خلاف أو اختلاف علينا أن نعود إلى ما يجمعنا، وليس ما يفرّقنا، وأن نحافظ على وحدتنا، ومقدراتنا، ونبقى على صف واحد أمام التحديات.

هذا الكلام للعقل والحكمة، ومن يعيه، ويلتزم به، ويحافظ عليه، ولكن حين تصرّ قطر على شذوذها السياسي، وتراهن على العدو كحليف، والإرهاب كشريك، وقبل ذلك كله تسيء إلى أبناء خليجها، وتستفزهم، وتنال من وحدتهم؛ فإن الوضع لم يعد يستلزم حكمة، أو عقلاً، أو وساطة، وإنما إلى أفعال وقرارات بحزم وعزم.

الوساطة الكويتية في ملف قطر لن تحل المشكلة بـ"حب خشوم" كما كان سابقاً؛ مهما يكن ثقل وعقل وحكمة الشيخ صباح؛ لأن الأزمة تكررت، وتعددت أطرافها، واختلفت لغتها، وتنوّعت مبرراتها، وبرزت للعلن، وأيضاً دخلت في نفق التحدي والصراع السياسي، وأصبحت الأوراق مكشوفة؛ وهنا يبدو أن مهمة الشيخ صباح في الوساطة بحاجة إلى أفعال من الشيخ تميم وليس أقوالاً، أولها الموقف من إيران وجماعة الإخوان الإرهابية، وثانياً تمويل الجماعات المتطرفة، وثالثاً أن تعود إلى حجمها قبل رشدها في التعاطي مع المشروع الخليجي في مواجهة التحديات، ورابعاً تعتذر أمام العلن عن خيبتها وتجاوزاتها على أشقائها الخليجيين والعرب.

أتمنى وغيري كثيرين أن تنتهي أزمة قطر، ونساعدها في الخروج من المأزق، وينجح الشيخ صباح في مهمته؛ لأن المنطقة ليست بحاجة إلى صراعات جديدة، وخصوصاً بين الأشقاء، ولكن من يذهب إلى الصلح والوساطة لا يستفز الآخر بتصريحات جديدة، ومواقف واتصالات مع إيران، ويعبّر عنها بأنها شأن قطري داخلي، ونحن كنّا نقول ذلك وصمتنا وتحمّلنا كثيراً، ولكن لا يخص قطر وحدها أن يكون الخليج العربي فارسياً، ولا يخص قطر أن تدعم جماعة الإخوان ونحن نصنّفها إرهابية، ولا يخصها أيضاً أن تسمي الإرهابي مقاوماً أو محتجاً وتدعمه للنيل منّا، كل ذلك ليس له علاقة بمواقف قطر الداخلية، وإنما بالمصالح الخليجية والعربية التي كانت قطر على طاولة المؤيدين لها، ثم تخرج في ظلمة ليل وتنقلب على الجميع ونسمي ذلك شأناً قطرياً!

لا نحتاج في زيارة الشيخ تميم إلى الكويت أن يعرض وجهة نظره؛ لأنها كانت واضحة في تصريحاته، بل نحتاج أن يتنازل عن مواقفه، وقناعاته، ويدرك أن الدم واحد، والشعب الخليجي واحد، ومهما يكن في العسر لن تجد إلاّ الخليج سنداً وملجأ بعد الله، ويكفي مكابرة، وخداعاً للنفس؛ فالمال لا يكفي للوجود، والقذافي خير دليل، وجماعة الإخوان أول من يتخلى عنك، وقبلهم الملالي الجبناء.