&رشيد الحاحي

&

الاستياء الأمازيغي لم يعد مقتصرا على دوائر المناضلين والعاملين والباحثين والمبدعين في مجال النهوض بالأمازيغية، ومجال العمل المدني والحقوقي والترافع حول الإنصاف القانوني والمؤسساتي الفعلي للأمازيغية، بل امتد لصفوف مختلف شرائح المواطنين المغاربة الأمازيغ، الذين صاروا يستشعرون اليأس و"الحكرة" بعد مسار الاستهتار السياسي والدستوري الذي طبع تعاطي الدولة والحكومة والبرلمان مع الشأن الأمازيغي بصفة عامة، وبعد أن تداخلت عوامل الإحباط السياسي بالاحتقان الاجتماعي، كما يتأكد لنا ذلك خلال العديد من الندوات واللقاءات والمناسبات وتبادل أطراف الحديث، عفوا تبادل علامات الاستياء، بشكل عابر سواء في باب المتجر الصغير-الحانوت-، في محطة الوقود مع العامل، أو من خلال تصفح جدران ودردشات وسائل التواصل الاجتماعي... في مما زاد من منسوب ودوائر الاستياء الأمازيغي، وهذه بعض عناوينه البارزة:

تعطيل الإقرار الدستوري في شأن ترسيم الأمازيغية مند سبع سنوات، وخرق الفصل 86 منه بالتملص من إصدار القانونين التنظيميين لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية بشكل عادل ومنصف.

ثم توالي التراجعات في مستوى ونتائج إدماج الأمازيغية في التعليم والإعلام وبقية مجالات الحياة العامة، بل والحسم في عدة قرارات تهم السياسة اللغوية والثقافية للدولة، كما في الرؤية الاستراتيجية للتربية والتكوين وقانونها الإطار وفي قرار لهجنة القناة الثامنة، دون انتظار صدور القانونين التنظيميين وتنصيب المجلس الوطني للغات والثقافة الذي من مهامه كمؤسسة دستورية وضع سياسة متوازنة تسمح بتنمية اللغة الأمازيغية والتمكين لها قانونيا ومؤسساتيا.

ينضاف إلى ذلك التجميد الواضح لعمل ووضع مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مند عدة سنوات بعد حل مجلسها الإداري واستفراد كل من العميد والأمين العام،، بتدبير سياسة المعهد وقراراته وانتفاعهما بالاستمرار لأكثر من 15 و17 سنة على رأس مؤسسة مشلولة وضعيفة ومهمشة في سوق المؤسسات ودوائر القرار الاستشارية والحكامتية والتشريعية والتنفيذية .

وقد اتسعت دوائر ودرجة هذا الاستياء من خلال تفاقم الإحساس بالحكرة بعد ازدياد مظاهر التهميش الثقافي، خاصة في صفوف الفنانين والمثقفين الأمازيغ، آخرها مظهر اللامبالاة التي تم بها التعامل مع وفاة الفنان الكبير يحيى بوقدير، سواء من طرف الدولة والحكومة أو من طرف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

ينضاف إلى كل هذا، ارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي وفقدان الثقة في الحياة السياسية ومؤسسات الدولة والتزاماتها، مما يندر بالأسوأ، ومما يتطلب تدارك الأخطاء ووقف مسلسل الاستهتار السياسي والمؤسساتي والدستوري، واتخاذ قرارات فعلية لتحقيق العدالة الاجتماعية واللغوية والثقافية بحس سياسي وليس تقنوقراطي، وخلق انفراج حقوقي واجتماعي يؤسس لعقد جديد بنفس وآمل جديد.