&عززت روسيا وجودها العسكري قبالة ساحل سوريا بالتوازي مع إعلانها القيام منتصف الشهر المقبل بأكبر مناورات عسكرية منذ مرحلة الاتحاد السوفياتي في 1981.

ونقلت صحيفة «كوميرسانت» الروسية عن مصدر في هيئة الأركان الروسية أن فرقاطتين مجهزتين بصواريخ عابرة من نوع كاليبر قادرة على ضرب أهداف على الأرض أو سفن، أرسلت السبت إلى المتوسط ليصبح الأسطول الروسي مؤلفاً حالياً من عشر سفن وغواصتين قبالة سوريا، أي أكبر وجود عسكري منذ 2011. بحسب صحيفة «إزفستيا».

إلى ذلك، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إن قوات الجيش ستطلق مناورات «الشرق - 2018» منتصف الشهر المقبل، مضيفا: «سيشارك فيها أكثر من ألف طائرة و300 ألف عسكري وأسطول المحيط الهادي والأسطول الشمالي وقوات الإنزال بالكامل». وأشار إلى أن روسيا لم تجر مثل هذه المناورات الواسعة منذ العهد السوفياتي عام 1981.

من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، إن الولايات المتحدة ناقشت مع روسيا في الآونة الأخيرة استخدام أسلحة كيماوية في سوريا بعد أن تحدثت وسائل إعلام عن تحريك دمشق أسلحة كيماوية إلى إدلب. كما شدد ماتيس على «أن يختار الشعب السوري حكومة جديدة لا يقودها الأسد».

وحذرت الولايات المتحدة في جلسة لمجلس الأمن أمس، أنها «سترد بشكل مناسب» إذا كرر نظام الأسد استخدام الأسلحة الكيماوية. بينما رفضت بريطانيا «البروباغندا السخيفة» و«الروايات المفبركة» ضدها من روسيا.

&

موسكو تتحرك ميدانياً ودبلوماسياً تحضيراً لمعركة إدلب

أطلقت موسكو نشاطا مكثفا على الصعيدين الميداني والدبلوماسي تحضيرا لحسم الوضع في مدينة إدلب السورية. وبالتزامن مع دعوة روسيا مجلس الأمن للانعقاد أمس في جلسة طارئة لـ«التحذير من تحضيرات لمسرحية كيماوية يليها هجوم غربي جديد على سوريا»، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن عناصر مركز المصالحة التابع لقاعدة حميميم «يجرون حوارات نشطة مع قادة الفصائل في إدلب وشيوخ القبائل في المنطقة، بهدف توقيع مصالحات تسهل التسوية السياسية».


وبرر نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، الثلاثاء، الدعوة الروسية لعقد جلسة طارئة في مجلس الأمن، بالحاجة إلى «إجراء مشاورات حول الأوضاع في إدلب». وقال إن روسيا ستبلغ أعضاء المجلس أن تنظيم «هيئة تحرير الشام» الذي تشكل «جبهة النصرة» عموده الفقري، بصدد «القيام باستفزاز كيماوي بالغ الخطورة في المنطقة، حيث سيصور عناصر (الخوذ البيضاء) فيديوهات ليتم استخدامها كذريعة لشن هجوم عسكري مكثف على سوريا من الخارج».


وحذر ريابكوف من أن «السيناريو واضح تماما، بالنسبة إلينا، وتبذل موسكو كل ما بوسعها من أجل منع تحقيقه». وزاد أن الدبلوماسيين الروس «سينظرون اليوم (أمس) في عيون ممثلي الثلاثي الغربي (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) خلال التركيز على هذه المسألة».
وأعرب نائب وزير الخارجية الروسي عن شكوك موسكو في جدية الولايات المتحدة وألمانيا للتصدي لهذا «المخطط الاستفزازي والمدمر بالنسبة لعملية التسوية السورية»، داعيا واشنطن وبرلين لـ«استخدام نفوذهما على الفصائل المعارضة المدعومة من جانبهما، والتنظيمات الإرهابية التي تحظى بدعم من الولايات المتحدة، بغية الحيلولة دون تطبيق سيناريو الاستفزاز الكيماوي».
في غضون ذلك، وصف شويغو المفاوضات التي يجريها موظفو مركز المصالحة الروسية في سوريا مع زعماء المجموعات المسلحة وشيوخ القبائل في إدلب، بأنها «محادثات ثقيلة وصعبة على كل المستويات».
وزاد أن الحوارات تجري مع أطراف «كنا نطلق عليها سابقا صفة المعارضة المعتدلة، ونسميها اليوم مجموعات المسلحين، كما يجري العمل مع الشيوخ الذين يسيطرون على بعض القبائل في هذه الأراضي». وأضاف أن المحادثات تهدف إلى تحقيق تسوية سلمية في المنطقة «على غرار تسوية الأزمة في درعا والغوطة الشرقية»، مشيرا إلى أن «الضباط الروس يقومون بعمل دقيق وماهر للغاية، وأريد أن أشكرهم عليه وعلى كل ما تم عمله في مناطق الغوطة الشرقية واليرموك ودرعا».


ولفت الوزير الروسي إلى أن الأسلحة التي سلمها المسلحون إلى القوات الحكومية السورية بعد تسوية الوضع في بعض المناطق «تبعث على الدهشة» موضحا أنه «في بعض الأيام تم تسليم ما بين 5 و7 دبابات، بالإضافة إلى المدافع وراجمات الصواريخ. ولا يدور الحديث هنا عن عدة وحدات من الأسلحة؛ بل عن الآلاف».


وتطرق إلى جهود روسيا على صعيد دفع ملف إعادة اللاجئين، مشيرا إلى تحضيرات جارية لإعادة نحو مليون لاجئ. وقال إن الحكومة السورية أتمت استعداداتها لاستقبالهم. علما بأن وزارة الدفاع الروسية كانت أعلنت في وقت سابق أن معطياتها تشير إلى استعداد نحو 1.7 مليون لاجئ للعودة إلى سوريا، غالبيتهم في لبنان والأردن وبلدان أوروبية.
على صعيد آخر، حدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف توجهات الجهود الروسية في سوريا، مشيرا إلى أن «هدف موسكو الرئيس ما زال يكمن في المساعدة في تحقيق التسوية السياسية في هذا البلد بأسرع وقت ممكن». وقال لافروف في حديث صحافي نشر أمس، إن «الاتجاه الرئيسي لجهودنا في سوريا اليوم هو المساعدة في التحقيق السريع للتسوية السياسية، على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ومع الأخذ بعين الاعتبار نتائج مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي».


وأشار أيضا إلى أن روسيا بالتعاون مع شركائها، تقوم بالمساعدة في عودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى أماكن إقامتهم الدائمة. وأضاف: «الخطوة المقبلة هي العمل الكبير على إحياء البنية التحتية المدمرة واقتصاد البلاد». وحذر لافروف من أن التهديدات الغربية الجديدة بتوجيه ضربة ضد مواقع الحكومة السورية، تهدف إلى عرقلة تحقيق تقدم في مجال التسوية السياسية، مذكرا بأن «الضربات السابقة التي نفذتها الولايات المتحدة على سوريا دون تقديم أدلة على استخدام دمشق للكيماوي، تعد خير مثال على موقف واشنطن من جهود دفع التسوية».
وزاد أنه «فيما يتعلق باتهام الحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيماوية، لم يتم حتى الآن تقديم أي أدلة على ذلك، بما في ذلك ما يخص الحادث المعروف الذي وقع في دوما يوم 7 أبريل (نيسان) الماضي، ولم يعثر هناك على أي آثار لاستخدام الكيماوي، ولا على ضحايا أو مصابين أو شهود عيان»، مضيفا أنه «بغض النظر عن غياب أي أدلة نفذت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الـ14 من أبريل الماضي - خلافا للمبادئ الأساسية للقانون الدولي وروح ميثاق الأمم المتحدة - ضربة صاروخية مكثفة على الأراضي السورية، عرضت للخطر عملية التسوية في هذا البلد. وهذا يظهر كيف تتصرف الأطراف في هذا البلد».