ضربة قوية تعرّضت لها الآلة الدعائية لجبهة البوليساريو، بعد أن تجاهلتها الدبلوماسية الصينية في القمة الصينية الإفريقية الثالثة، حيث وجه البلد الآسيوي دعوات رسمية إلى كل بلدان الاتحاد الإفريقي والأمين العام للأمم المتحدة دون إدراج اسم الجمهورية الوهمية، بالرغم من أن انفصاليي إبراهيم غالي كانوا يعتبرونها سدا منيعا يزكي أطروحاتهم داخل ردهات مجلس الأمن وفي كل المحافل الدولية.

الخطوة الصينية أسقطت بعض خطوات الدعم الصيني، الذي بلغ مليار سنتيم خلال ماي الماضي، خصوصا في ظل رغبة التنين الصيني في الانفتاح على سوق شمال إفريقيا ومنافسة القوى الأوروبية التقليدية داخله؛ وهو ما جعل المملكة بدورها ترفع منسوب تمثيليتها بسفر سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، بتعليمات ملكية، صوب العاصمة الصينية بيكين.

وتعدُّ الصين من بين القوى التي تزعج المصالح المغربية داخل أروقة الأمم المتحدة، إذ عمدت غير ما مرة إلى الوقوف إلى جانب أطروحات الانفصال فيما يتعلق بملف الصحراء. كما أن يانغ غانيو، سفير هذا البلد الآسيوي بالجزائر، دائم التردد على مخيمات تندوف.

"الدبلوماسية الصينية تتميز بالواقعية؛ فهي في هذه الدورة، كما في الدورات السابقة، لم تبعث دعوة إلى أي كيان ليس له سيادة. القانون الدولي المتعلق بتعريف الدول واضح في مسألة تحديد العناصر المكونة لدولة ما، وهذا ما يجعل جبهة البوليساريو خارج المنتدى منذ انطلاقه وصولا الى دورته الحالية"، يقول كريم عايش، الباحث في جامعة محمد الخامس؛ و"ذلك بالرغم من ضغوطات راعيتها الجزائر وداعمتها الأساسية جنوب إفريقيا".

وأضاف الخبير في العلاقات الدولية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الطابع المهم لدورة هذه السنة هو انخراطها في إطار أجندات 2030 للتنمية المسطرة من طرف الأمم المتحدة، وتلك المسطرة من طرف الاتحاد الإفريقي، فضلا عن حضور صناديق التمويل السيادية ومانحي الأموال، وهي مؤشرات تندرج أيضا في إطار تعزيز اتفاقية حزام الطريق أو ما يسمى إعادة إحياء طريق الحرير الصيني، والذي وقع المغرب على اتفاقيتها ليصبح جزءا منها".

"الصين ليست بالسذاجة لكي تراهن على كيانات وهمية تمتص الأموال لمصلحتها الخاصة ولا تحترم الشروط الموضوعية لميثاق الشراكة، وهي في الآن نفسه تذكير للجزائر وجنوب إفريقيا بأن قطار التنمية وتعزيز التعاون ماض دون عودة وليس من المنطقي فتح باب لتلطيخ مقررات المنتدى بتصريحات سياسية وايحاءات عدائية قد تفرق أكثر مما تحقق"، يشرح المحلل السياسي المغربي.

وأكمل المتحدث أن "اللقاء المزمع إطلاقه يروم تذويب كل هياكل الجليد التي بنتها بريطانيا والولايات المتحدة مؤخرا فوق القارة، ومزاحمة النفوذ الفرنسي"، لافتا إلى أن "العمل في إطار شراكة رابح - رابح قد تفيد كثيرا دول شمال إفريقيا وجنوب أوروبا، بالعمل على إحداث أنشطة استثمارية تحول الكثير من منابع الهجرة وبؤر الفقر إلى مشاتل لتطوير الاقتصاد وتحسين الأحوال الاجتماعية".

واستطرد عايش أن "عرقلة المنتدى بصراعات خلف الكواليس من قبيل انتزاع اعتراف المنتدى بحق تقرير المصير، وحقوق الإنسان بالصحراء، واتفاق الصيد البحري وتصدير الفوسفاط، مواضيع مفتعلة تدرك الصين جيدا أنها أوراق تستعملها الجزائر لمزاحمة المغرب وإضعاف نفوذه الإفريقي وبعد نظره الإستراتيجي"، وزاد أنها "تبقى محاولة فاشلة لإضعاف عمق العلاقة بين المغرب والصين والاحترام المتبادل بين الدولتين على أكثر من صعيد، وليس امتناع الصين عن التصويت على قرار 2414 في أبريل الأخير إلا موقف سياسي من ما حدث من تعديلات غير متفق عليها بخصوصه، بين أعضاء مجلس الأمن".