مصارف السعودية الملاءة المضاعفة

كلمة الاقتصادية

&

يشهد القطاع المصرفي السعودي تطورات إيجابية قوية ومستدامة أيضا. وهذا القطاع حقق نموا وتماسكا كبيرين حتى في ظل تراجع أسعار النفط إلى مستويات متدنية تاريخية، وحتى في ظل تنفيذ "رؤية المملكة 2030" الهائلة التي تتطلب تمويلا يوازي مشاريعها التنموية الكبيرة، ولا سيما أنها مشاريع تبني اقتصادا وطنيا جديدا ملائما للمستحقات والمتغيرات. والقطاع المذكور استقطب أيضا سلسلة من المصارف الأجنبية التي رغبت في العمل على الساحة السعودية، نظرا لوقتها وعوائدها، فضلا عن الثقة العالمية بها. وهذه الثقة نابعة في الواقع من السياسات الاقتصادية الوطنية التي جلبت الإعجاب العالمي بقوة أيضا، ومن المكانة التي تتحلى بها المملكة على الساحة العالمية، ومن قوة وتأثير الاقتصاد السعودي بشكل عام. ولذلك فإن وكالات التصنيف الكبرى، منحت الاقتصاد السعودي درجات ممتازة، بل وحافظت على مكانته التصنيفية حتى في عز تراجع أسعار النفط. اليوم تتمتع المصارف السعودية بملاءة قوية جدا، في حين تعاني المصارف في بعض بلدان المنطقة والعالم تردي هذه الملاءة. وما يسمى بـ "معدل كفاية رأس المال" وفق لجنة "بازل 3"، تحقق في المملكة حتى قبل أن يكون هذا القرار ملزما. ومصارف البلاد تقدمت بهذا الخصوص على مصارف عالمية كبرى في بلدان متقدمة، خصوصا أن الملاءة المشار إليها للمصارف السعودية ارتفعت بنحو 21 في المائة، وهي بذلك زادت عن المعدل المطلوب بحيث اقتربت من الضعف. إنها خطوة تحلم بها مصارف عديدة حول العالم، بما فيها تلك التي تحمل أسماء رنانة. والمثير أن كفاية رأس المال تستحق عالميا بنهاية العام المقبل، ما يدعو للاعتقاد أن المصارف السعودية ماضية قدما في زيادة رأس المال من الآن وحتى الموعد المذكور. هذا حول المصارف بشكل عام، ولكن فيما يتعلق بكل مصرف سعودي، فإن الملاءة كبيرة جدا، حيث وصلت لدى بنك "الجزيرة" إلى أكثر من 27 في المائة، وفي أدناها عند "البنك العربي" بنسبة 17 في المائة تقريبا. إنها معدلات كبيرة بالفعل تعزز مرة أخرى مكانة ومتانة وقوة القطاع المصرفي المحلي السعودي، وتؤكد المسار الصحيح لها، خصوصا في ظل الحراك التنموي الوطني الهائل الذي يجري على الساحة. ورغم أهمية هذه الأرقام المشرفة بالفعل، إلا أن مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" كانت قد أكدت في وقت سابق، استعداد المصارف السعودية لمتطلبات "لجنة بازل 3"، قبل المدة الإلزامية لتغطية السيولة 100 في المائة. بمعنى أن المملكة مطمئنة بهذا الخصوص قبل القرار الدولي المشار إليه. لا شك أن هذه المكانة العظيمة للقطاع المصرفي السعودي تسهم في دعم الحراك الاستراتيجي للبلاد. بل إن هذا القطاع يمثل صرحا مهما للاقتصاد الوطني، ويدعم السمعة التي تتمتع بها السعودية على الساحة الدولية، دون أن ننسى دور المملكة في صنع القرار الاقتصادي العالمي من خلال عضويتها المحورية في "مجموعة العشرين". فقد أجمع أعضاء "المجموعة" أن السعودية أكثر البلدان قاطبة التزاما بتعهداتها كلها بصرف النظر عن طبيعتها. وصيانة وحماية القطاع المصرفي تدخل ضمن هذا الإطار. سيشهد العالم مزيدا من التقدم على الساحة الاقتصادية السعودية، ولا سيما أن مشاريع "رؤية المملكة" تجري بصورة تتوافق مع كل المخططات الموضوعة لها. فالمشهد العام يتشكل بأفضل حالة وبأنصع رؤية.