&&بينة الملحم

الوطن قيمة سياسية واجتماعية تنقش في الذاكرة..

في المملكة وقبل سنوات ليست بالبعيدة كان اليوم الوطني شيئاً من الخيال الكبير من حيث الاحتفال به أو ممارسة شعائر الفرح فيه بطريقة جائزة اجتماعياً، كنا نسمع برقيات التهاني باليوم الوطني تصدر من القيادة إلى كل رؤساء العالم عندما يحتفلون بها، وكان تساؤلي الدائم عن تلك الشعائر الوطنية وكيف ستكون لو أننا احتفلنا بيومنا الوطني كبقية شعوب العالم!

ومنذ أول إقرارٍ ليوم الثالث والعشرين من سبتمبر الأول من الميزان بأنه يوم إجازة رسمية ويوم احتفال مميز لهذا الشعب السعودي العظيم&بدأ يومنا الوطني ينقش اسمه في ذاكرة الشعب السعودي، وخصوصاً الجيل الجديد من أبناء الوطن.

إنّ التحول الاجتماعي الذي حققه الاحتفال باليوم الوطني ليس شيئاً عابراً؛ فكل الذين كانوا يحاربون قيمة الاحتفال باليوم الوطني سواء من رموز الصحوة أو دعاة السياسة والفتن كانوا يحرّمون ذلك اليوم حتى أنّهم كانوا يلقبونه بيوم الوثن! فقد كان أولئك الدموز والدعاة يخدمون في الحقيقة مشروعهم السياسي والأممي لا أكثر!

ولأنهم يدركون أهمية الوعي المتراكم في الذاكرة الشعبية، حيث سيكون للوطن قيمة أكبر تتنامى مع الزمن وهذا بكل تأكيد ضد مشجعي ومبشري الخلافة، وأنصار ورموز الأممية السياسية القائمة على إلغاء البقع الجغرافية المحددة، والتي تسمى اصطلاحاً في علم السياسة بالأوطان.

ونحن في هذا التوقيت أمام مهمة نفسية واجتماعية لترسيخ الوطنية، وفي ذات الوقت لدينا فرصة سانحة لبناء المواطنة بشكلها الصحيح؛ حيث يتطلب الأمر فهم معادلة المواطنة والوطنية من ثلاثة جوانب مهمة (الجانب السياسي، الجانب الاجتماعي، الجانب الاحتفالي) وإن طغيان أحد هذه الجوانب على الآخر سوف يجعل هذه المناسبة غير مكتملة الاضلاع، ولذلك لابد من ترسيخ تلك الجوانب وتعزيز الوعي الشعبي بها وهذا يتطلب وجود مسؤولية مشتركة بين مؤسسات المجتمع لتنفيذ تلك المعادلة كل بحسب اختصاصه ومهمته.

من الحسنات العظيمة في عهد الحزم والعزم القضاء على مشروع الصحوة والتطرف والإرهاب، وتخليص المجتمع من كل تبعات ذلك المشروع العفن الذي لوّث فكر المجتمع، وحرمه من كمٍ من المباحات وأبسط مظاهر الفرح والممارسة التي لا تزيد سوى شعور الانتماء والولاء لهذا الوطن.