& زاهي حواس

&

في عام 1974 كنت أعمل في وادي الملوك، وكان معي العديد من الأثريين المصريين. كنا نحو ثلاثين مفتشاً للآثار مرافقين للبعثات الأجنبية، وكنا نجتمع في المساء في فندق يملكه الشيخ علي عبد الرسول آخر أفراد عائلة عبد الرسول الذين عرفوا أسرار وادي الملوك. وقد جلست بجوار الشيخ علي وتركته يقص عليّ حكايات وقصصاً عن المشاهير الذين كشفوا مقابر في وادي الملوك، بل حكى لي أسراراً كثيرة عن هوارد كارتر وحبه لإيفيلين ابنة كارنافون، ودخولهما المقبرة ليلاً دون علم أحد. وحكى لي عن مقبرة الملك سيتي الأول، وأن هناك نفقاً أو ممراً يعتقد أن المقبرة الأصلية للملك سيتي توجد في آخر هذا الممر، وأضاف أنه استطاع أن يحصل على تصريح من مصلحة الآثار لحفر هذا النفق بعد أن وصل إلى الوزير المختص، لأنه يعتقد أنه يمكن أن يقوم بكشف مهم داخل هذه المقبرة، وقد تكفل بالعمل على حسابه الخاص وقام بحفر الممر حتى وصل لمسافة مائة متر. وهنا وقف المسؤولون في مصلحة الآثار وقرروا إيقافه عن العمل، وذلك للخوف من انهيار المقبرة، نظراً للحفر الذي يتم، بالإضافة إلى صعوبة نقل الرديم إلى خارج المقبرة؛ حيث وصلت المسافة إلى مائتي متر من داخل الممر حتى خارج المقبرة.


وقال لي الشيخ علي: «إنني أحس بأنك سوف تكون أثرياً مهماً في المستقبل، ولذلك أطلب منك أن تقوم بالحفر على هذا الممر، ولو قمت بعمل أي اكتشاف لا أريد منك إلا أن تذكر قصتي مع هذا الممر، وإنني الذي أرشدتك عنه، لأنني على ثقة كبيرة بأن حجرة الدفن الأصلية موجودة في آخر هذا الممر». وكنت أفكر دائماً فيما قاله لي الشيخ علي حتى أصبحت أميناً عاماً للمجلس الأعلى للآثار، ولذلك توجهت إلى الأقصر ودخلت النفق ومعي حبل فلاش، وكذلك شريط قياس المسافة، وقد وصلت إلى 222 قدماً، وهناك وجدت أن الممر بدأ يضيق، والأحجار تسقط من أعلى، ولذلك بدأت في الخروج، وبعد ذلك قمت بالدخول مرة أخرى مع تلفزيون أميركي من لوس أنجليس برفقة المنتج ديفيد جاكسون.


وتقدم جاكسون للحصول على جائزة الإيمي، وهي الجائزة التلفزيونية الشهيرة للأفلام التسجيلية، وقد وجدت لجنة التحكيم أن الجائزة مستحقة، وأنني أيضاً أستحق الجائزة، ولا أنسى عندما أرسلت الجائزة لي ولم أتوقع ذلك إطلاقاً. ولذلك أعتقد أنني الوحيد من خارج وسط المخرجين والمنتجين الذي حصل على جائزة الإيمي أعلى جائزة في التلفزيون الأميركي، ولذلك أضع هذه الجائزة داخل مكتبي وأعتز بها جداً. وبعد ذلك فكرت في أن هناك ضرورة لكي أقوم بالحفر داخل هذا النفق، وقد فكرت طويلاً في هذا الموضوع، لأنني كنت أعلم أن هناك خطورة على المقبرة، لأن إزالة الرديم من النفق قد يتسبب بانهيار المقبرة تماماً؛ لذلك كان لا بد من دراسة الناحية الجيولوجية لصخر المقبرة، بالإضافة إلى إيجاد طريقة لسند سقف النفق، وخصوصاً لأن مدخل النفق مسنود بالأخشاب وهي ليست كافية إطلاقاً لحماية المقبرة أثناء الحفائر، وقررنا أن نبدأ الحفائر، ونكشف عن سر مقبرة الملك سيتي الأول.

&