& عبدالله بن عبدالمحسن الفرج

نار الحرب التجارية تستعر، ففي الأسبوع الماضي فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية جديدة نسبتها 10 % على واردات صينية بقيمة 200 مليار دولار، بحجة تصحيح ممارسات الصين التجارية، وهذه الرسوم سوف تدخل حيّز التنفيذ بعد غد الاثنين وحتى نهاية العام. وما لم تستجب بكين لما هو مطلوب منها خلال الفترة القادمة، فإن الرسوم ابتداء من 1 يناير 2019 سوف ترتفع إلى 25 %. وفي حال اتخاذ الصين إجراءات انتقامية فسيتم تفعيل المرحلة الثالثة وفرض رسوم جمركية على ما قيمته 267 مليار دولار من الواردات الإضافية، الأمر الذي يعني أن الحماية الأميركية سوف تشمل كافة الواردات من الصين تقريبًا.

من جهتها فإن الصين قد ردت على المرحلة الأولى من الحرب التجارية بفرض رسوم جمركية نسبتها 25 % على واردات 50 مليار دولار من السلع الأميركية. ولهذا فإن التصعيد الأميركي الجديد قد ردت عليه الصين أيضًا بفرض رسوم جديدة تتراوح نسبتها بين 5 و10 % على سلعة أميركية تصل قيمتها إلى 60 مليار دولار.

طبعًا المرحلة الثالثة من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين سوف تعتمد على الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، ففي حال عدم كسب الحزب الجمهوري والمناصرين للرئيس، فإن النزاع التجاري مع الصين ربما يخف والعكس بالعكس، فالحرب التجارية هي جزء من المعركة السياسية في الولايات المتحدة على الانتخابات النصفية القادمة، فإذ نجح أنصار الرئيس في تعزيز مواقعهم في نوفمبر القادم فإن الحرب التجارية مع الصين وغيرها سوف تزداد من أجل كسب المعركة الرئاسية العام 2020.

ولكن من الآن بدأ يتضح أن المعركة التجارية تزحف تدريحيًا للتحول إلى معركة مالية، فحسب بيانات وزارة المالية الأميركية فإن الصين خفضت في يوليو الماضي حجم استثماراتها في سندات الخزينة الأميركية بمقدار 7,7 مليارات دولار، وهذا مبلغ ضئيل جدًا بالنسبة لحجم الاستثمارات الصينية في سندات الخزينة التي تصل إلى 1,171 ترليون دولار، وقبل الصين سحبت روسيا استثماراتها التي وصلت العام 2010 إلى 176 مليار دولار، فأصبحت في يوليو الماضي 14,9 مليار دولار، طبعًا هذه السحوبات لا تؤثر حتى الآن على الولايات المتحدة التي تصل الاستثمارات الأجنبية في أذوناتها إلى أكثر من 6 ترليونات دولار.

الأمر الآخر هو توجه الصين وروسيا وحتى الاتحاد الأوروبي، كما صرح رئيس المفوضية الأوروبية يونكر، للتوسع في استخدام عملة غير الدولار في التجارة الدولية، ولذلك فهل تتطور الحرب التجارية إلى حرب مالية لتصبح في المستقبل حرباً اقتصادية شاملة تغير النظام الاقتصادي العالمي القائم حاليًا؟