&عواجي النعمي& &

نحن نعترف بالاختلاف ونتعايش معه، وبتنا أكثر إيمانا بأن القول بغير علم هو من أهم أسباب الفرقة، فكان تجفيف منابع الإرهاب والأفكار المتطرفة

نحتفل هذه الأيام بعيد الوطن الثامن والثمانين، وما يميز السعوديين هو حبهم الجارف لتراب هذا الوطن ومقدراته وإرثه وتاريخه.&
ونرى أجمل صور هذا الحب والوفاء في الجنود البواسل الذين ضحوا بكل غالٍ ونفيس، دفاعا عن حدود وطنهم، وحفظا لأمان مواطنيهم.&
يحتفل الوطن بعيده الثامن والثمانين، في ظل رؤية واعدة واستقرار اقتصادي، وتحديات كبيرة وأعداء تتربص به وبمقدراته. يحتفل الوطن بعيده الثامن والثمانين وقد انكشفت أقنعة وظهرت حقائق أعداء الداخل والخارج، فلم نعد نرى إلا أصحاب الأوجه الحقيقية التي تقدّس هذا الوطن وتفتخر بالعيش على ترابه. كان وما زال الوطن قادرا على احتواء الجميع، بمختلف ثقافاتهم وأفكارهم واختلافاتهم، واستطاع الوطن أن يتجاوز كل هذا التباين ليصبح حب الوطن والولاء له هو الهم الأكبر لكل مواطن.&
كانت فرحة الوطن في براءة الأطفال في مدارسهم، والمعلمين في فصولهم، والموظفين في مقار عملهم، والشباب في أوقات مرحهم وانبساطهم، والمسؤولين في جداول أعمالهم ومهامهم. وكان حب الوطن تضحية ودماء ونفسا وروحا يقدمها الجنود البواسل.&


وفي الوقت الذي ينعم الوطن بالسلام والرخاء والازدهار، انكشفت تلك الأوجه الراديكالية التي كانت وما زالت تدعو إلى التغيير الجذري للقيم والبنى والاجتماعية واللحمة الوطنية، التي استطاعت العيش ثمان وثمانين سنة، رغم كل هذه التحديات والمخاطر.&
رأينا تلك القوى الراديكالية فيمن أسموا أنفسهم الإخوان والمعارضين والليبراليين، يمارسون نوعا من العنف المسلح وغير المسلح تجاه الوطن والمواطنين، إلا أن الوطن والمواطنين نجحوا في تجاوز كل هذه القضايا الشائكة، وظلت تجربتهم المميزة هي حلم كل إنسان يرغب في الرخاء والسلام.&
حاولت الجماعات المتطرفة الاتكاء على النصوص الفقهية المختلف عليها، كي تدعم توجهاتها في نزع مفهوم الوطنية من عقول الشباب، وأن تزرع حلم الخلافة والجماعة... إلخ، من تلك المصطلحات الفضفاضة، ولكن كل ذلك سقط أمام جدار صلب من الحب والولاء لهذا الوطن.&


حرصت جماعات التطرف على التقرب من الناس، وجذبهم بالمواعظ والخطب، إلا أن عقلية المواطن السعودي كانت من النضج أن يكون وطنها أولا وأخيرا.&
لقد استحضر المجتمع السعودي كل الأسباب والعوامل التي يمكن أن تكون تهديدا وخطرا على لحمة الوطن ومقدراته، وتعلّم من الدروس السابقة، وتعلّم من تجارب الدول المجاورة، فتشكلت مناعة طبيعية لكل ما يهدد الوطن من شرور ومؤامرات.&
لقد أصبحت عقلية الوطن مثالا لكل وطن يرغب المثالية والرقي، فنحن نعترف بالاختلاف ونتعايش معه، وبتنا أكثر إيمانا بأن القول بغير علم هو من أهم أسباب الفرقة، فكان تجفيف منابع الإرهاب والأفكار المتطرفة. لقد أصبح الوطن يؤمن أن الإرهاب الفكري يؤدي إلى تدمير الأساس والأخلاق وجمع الكلمة والمواطنة والرخاء والاستقرار.&
لقد نجح الوطن في الخروج بنا من الاصطفاف في دائرة المذهبية والقبلية، وألا نكون حبيسي العيش في الماضي. لقد أصبحت الوطنية هي الحقيقة المطلقة التي تعيش في قلب المواطن، ويتم غرسها في عقول الأبناء، وترضعها الأمهات لفلذات أكبادهن.&
لقد أصبح الجميع الآن ينشدون بقلب واحد وشعور واحد «موطني عشت فخر المسلمين... عاش المليك للعلم والوطن».

&