لين نويهد

الابن الهارب والمرشح الأوفر حظاً سابقاً لخلافة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي يخطط للعودة إلى المشهد السياسي الليبي، فقد قال عبد المجيد المنصوري، الذي كان رئيساً لمجلس التنمية الاقتصادية في ليبيا قبل 2011، إن سيف الإسلام «قرر الترشح للانتخابات الرئاسية، وأنا أرى فرصة كبيرة أمامه لأن كل القبائل الكبيرة تدعمه»، مضيفاً: «إن الناس يشعرون بالإحباط، وحتى الأشخاص الذين كانوا ضد النظام القديم سيؤيدونه لأنه ليس عائداً لتمثيل النظام القديم، بل إنه آتٍ بخطة من أجل مستقبل ليبيا».

والواقع أن معظم المحللين المختصين في الشأن الليبي لا يتفقون مع هذا الرأي ويقللون من حظوظ سيف في انتخابات رئاسية ممكنة هذا العام، غير أن عودة موالين للقذافي إلى الساحة السياسية، بعد ست سنوات على الانتفاضة المدعومة من «الناتو»، التي قُتل فيها القذافي، تكشف عن مدى الغضب العام من انعدام الأمن وتردي الأوضاع الاقتصادية في هذا البلد المصدر للنفط الذي كان غنياً في الماضي، كما أنها ستزيد المخاوف الدولية بشأن انتشار أتباع «داعش» عبر شمال أفريقيا وتدفق المهاجرين الطامحين للوصول إلى الضفة الأوروبية من المتوسط.

وفي هذا السياق، يقول إيسندر العمراني، مدير مشروع شمال أفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية: «إنه مؤشر على أن أنصار القذافي يعبئون أنفسهم ويسعون إلى أن تكون لهم كلمتهم»، مضيفاً: «إن ليبيا تزداد تعقيداً. والانفراج لا يبدو قريباً».

منذ خلع القذافي، قُسمت ليبيا بين عشرات المليشيات والإدارات المتنافسة في الشرق وفي طرابلس. وكان الاقتتال الداخلي قد أوقف تصدير شحنات النفط، الذي يُعد أهم مصدر للدخل في ليبيا، لقرابة عامين. ولئن كانت تصدير النفط قد استؤنف الآن، فإن الاقتصاد دُمر.

ذلك أن الليبيين يصطفون لساعات خارج البنوك من أجل الحصول على مبالغ زهيدة، وضعف الدينار الليبي في السوق السوداء زاد من التضخم الذي أفقر الموظفين المعتمدين على الرواتب وأغنى المضاربين.

وعلاوة على ذلك، فإن اتفاق الوحدة الذي عُقد تحت رعاية الأمم المتحدة في 2015 فشل في معالجة انقسامات البلاد. والحكومة التي أتى بها إلى طرابلس، بقيادة فايز السراج، كافحت من أجل فرض سلطتها على الفصائل المسلحة والإدارة في شرق البلاد. وفي الأثناء، كشف مبعوث الأمم المتحدة الجديد المعين في يونيو الماضي غسان سلامة عن مخطط معدل، ولكن انتهاء مهمة السراج في السابع عشر من ديسمبر حل ومر دون التوصل لاتفاق نهائي.

ولئن كان السراج ما زال يحظى باعتراف دولي، فإن عملية السلام اعتُبرت ميتة من قبل خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي الذي يسيطر على معظم الشرق الغني بالنفط.

ويقول وحيد جابو، الذي يعمل بغرفة التجارة في طرابلس: «لقد فقدنا الثقة في كل الشخصيات السياسية في البرلمان، وفي الحكومتين، وفي الشرق والغرب»، مضيفاً: «إن الليبيين يعيشون اليوم في فقر، والبنوك فارغة، والناس غير قادرين على شراء الدواء أو الطعام أو أي شيء. كما أن ثمة نقصاً في البنزين، وانقطاعات في الكهرباء، وفي المياه، وانعدام أمن عام».

إلى هذا المشهد السياسي القاتم، إذاً، يدخل سيف الإسلام، الذي لم يُسمع منه أي شيء بشكل مباشر حتى الآن، ولكن رجلاً قُدم باعتباره المتحدث باسم العائلة قال لمجلة «إيجيبت توداي ماجازين» إنه يعتزم الترشح للانتخابات، وهو ما أكده المنصوري، الذي يعيش في تركيا الآن. هذا الأخير لم يقدم تفاصيل حول خطة سيف الإسلام لتحقيق المصالحة بين الليبيين وإعادة بناء الاقتصاد المتدهور، ولكنه قال إنه يعتقد أنه سيلعب دوراً اقتصادياً في حال فوز سيف الإسلام.

وكان سيف الإسلام، البالغ 45 عاماً، تلقى تعليمه في لندن، قد اعتُقل من قبل المتمردين في 2011، وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال في حقه، متهمةً إياه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال التمرد على والده، غير أنه لم يتم تسليمه للمحكمة أبداً. وفي 2015، حكمت عليه محكمة في طرابلس بالإعدام بسبب جرائم ارتكبت إبان الثورة، ولكن في يونيو الماضي أعلن معتقلوه أنهم أفرجوا عنه.

في الشارع، السلطة تعود لزعماء المليشيات المحلية والمهربين وزعماء السوق السوداء، وهو ما يدفع الليبيين للتفكير في خيارات كان من المستحيل تخيلها من قبل. وفي هذا السياق، يقول أحمد واجج، وهو عامل بلدي في طرابلس: «إن سيف الإسلام سيكون الخيار المناسب إنْ ركز على الأمن والسلام والمصالحة الوطنية»، مضيفاً: «إن الليبيين يكرهون كل الوجوه السياسية الموجودة الآن على المشهد، ويريدون وجوهاً جديدة تحترم إرادة الشعب ونتائج الانتخابات».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»