&خالد العضاض&&&

&حديث الأمير حول النفط كان واضحا وصريحا، يدلل على اهتمام الأمير بالمستهلك ، والحفاظ على توازن السوق وأخلاقياته

تدار الآلة الإعلامية القطرية بطريقة بدائية الأسلوب والمنهج، حتى وإن غلى ثمن الأجهزة والتجهيزات، ولذلك يتبين عوارها وعُريها بشكل سريع وواضح، فهم يستخدمون النظرية القديمة للألماني جوزيف جوبلز عرَّاب الدعاية الألمانية النازية: (اكذب، ثم اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس)، وهي بالمناسبة ما زالت تعمل وما زالت تنجح، ولكن مع محدودي المتابعة أو محدودي الاطلاع أو محدودي المصادر، أو محدودي (معدومي) الولاء والوفاء!.
ترسيخ الكذب بترديده وتكراره حتى يصبح حقيقة دأبت عليه السياسة القطرية، منذ تولي الحمدين مقاليد الحكم بأمريهما في الدوحة، وتأتي قضية الأستاذ جمال خاشقجي واختفائه لتصطفَّ مع مثيلاتها من القضايا والأحداث مصداقا لما ذكرناه من احتراف الكذب وترسيخه في أذهان الناس، أو من يريد أن يصدقه من الناس الكارهين.
على كلٍّ جاء حديث الأمير محمد بن سلمان لبلومبيرج كماء المطر الذي يجلو الخبث، بكلمات قليلة موزونة مركزة نسف كل تخرصات وأكاذيب الآلة الإعلامية المعادية، ونظرا لهامشية ممارسات الإعلام القطري وذيوله للمواطن السعودي، فسوف أركز على بعض ما جاء في حديث الأمير -رجل الحاضر والمستقبل- وبعض من دلالاته:
(1)
القوة في هذا الزمن، هي للمعلومة الصادقة الشفافة الحاضرة حين الاستدعاء، وبقدر تمكن المسؤول من المعلومة وحضورها في ذهنه وتمكنها من فهمها وتفكيكها بما يناسب كل حدث يتعلق بها تكون قوة المسؤول، وهذا ما يثبته الأمير محمد بن سلمان مع كل حدث أو حديث، وفي كل تحرك يقوم به.
(2)
كان الرد على ما قاله الرئيس الأميركي أثناء أحد خطاباته حول المملكة، ردا واقعيا منطقيا، يضع الحقائق في نصابها، ويفسح مجالا للأمور أن تجري في أعنتها، فكان الرد العاقل المنطقي الذي يكسب الموقف ولا يخسر الصديق، الذي يجب ألا تخسره:
(السعودية كانت موجودة قبل الولايات المتحدة الأميركية بأكثر من 30 عاما...، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة عملت ضد أجندتنا، إلا أننا كنا قادرين على حماية مصالحنا)، وبعقلانية لافتة تغلب المصالح وتنظر للمشترك، وتتسامى فوق الصغائر يقول الأمير: (يجب تقبل مسألة أن أي صديق سيقول أمورا جيدة وسيئة، لذلك لا يمكنك أن تحظي بأصدقاء يقولون أمورا جيدة عنك بنسبة 100% حتى داخل عائلتك. سيكون هناك سوء الفهم، لذا نحن نضع ذلك ضمن هذا الإطار).
وعند مقارنة ما قاله الرئيس ترمب بما حصل مع ألمانيا وكندا وأن ما قامتا به كان أقل سوءا، قال الأمير بمنطق واضح ومباشر: (الأمر مختلف تماما، كندا أعطت أمرا للسعودية بشأن مسألة داخلية، إنه ليس رأي كندا حول السعودية بقدر ما هو إعطاء أمر لدولة أخرى، لذلك نحن نعتقد بأن هذه قضية مختلفة تماما، ترمب كان يتحدث لشعبه داخل الولايات المتحدة الأميركية عن قضية).
وفي السؤال المهم الذي ولغت فيه نابحات القوم أكثر من اللازم، حول مقولة الرئيس الأميركي: أن السعودية يجب أن تدفع أكثر مقابل أمنها، قال الأمير، بكل أنفة ووضوح، ومنطقية بسيطة، وبلا أي تشنجات معهودة حين تناول مثل هذه المقولات: (في الواقع لن ندفع شيئا مقابل أمننا، نعتقد بأن جميع الأسلحة التي حصلنا عليها من الولايات المتحدة الأميركية قد دفعنا من أجلها، إنها ليست أسلحة مجانية، فمنذ أن بدأت العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية، قمنا بشراء كل شيء بالمال).
ويختم الأمير الموفق الأسئلة حول مقولة الرئيس ترمب، بإجابة تحمل حكمة الشيوخ، وعقل الكبار، حينما قال حول جودة ومتانة العلاقات الأميركية – السعودية الآن: (... إذا نظرت إلى الصورة بشكل عام سيكون لديك 99% من الأمور الجيدة ومسألة سيئة واحدة فقط... أنا حقا أحب العمل معه -ترمب- ولقد حققنا الكثير في الشرق الأوسط، خصوصا ضد التطرف والأيديولوجيات المتطرفة، والإرهاب واختفاء داعش في فترة قصيرة جدًّا في العراق وسورية، كما أن العديد من الروايات المتطرفة قد تم هدمها في العامين الماضيين، لذلك فإن هذه مبادرة قوية. لقد عملنا معا أيضا مع أكثر من 50 دولة، للاتفاق على إستراتيجية واحدة في الشرق الأوسط، ومعظم تلك البلدان متفقة مع تلك الإستراتيجية، نحن الآن ندحر المتطرفين والإرهابيين وتحركات إيران السلبية في الشرق الأوسط بطريقة جيدة، ولدينا استثمارات ضخمة بين كلا البلدين، ولدينا تحسن في تجارتنا والكثير من الإنجازات، لذلك فهذا أمر عظيم جدا.&
(3)
حديث الأمير حول النفط كان واضحا وصريحا، يدلل على اهتمام الأمير بالمستهلك وتنمية المستهلك، والحفاظ على توازن السوق وأخلاقياته: (على مدى تاريخ السعودية لم نقرر قط ما إذا كان سعر النفط صحيحا أم لا. سعر النفط يعتمد على العرض والطلب... إن ما التزمنا به في السعودية هو التأكد من عدم وجود نقص في المعروض. لذا نحن نعمل مع حلفائنا في أوبك والدول غير الأعضاء في أوبك للتأكد من وجود معروض مستدام لدينا من النفط، وأنه ليس هناك نقص، وأن هناك طلبا جيدا، والذي لن يخلق مشاكل للمستهلكين وخططهم وتنميتهم).
(4)
في الحديث عن أرامكو وسابك، تحول الأمير من سياسي، إلى اقتصادي بامتياز، ووضع النقاط على الحروف بكل احترافية كعادة سموه -حفظه الله- حيث ذكر: أن مستقبل أرامكو كان السؤال الأكبر الذي واجهنا أثناء فكرة طرح جزء من أسهمها في الاكتتاب، فأرامكو تنتج النفط بكميات مهولة، ولا تملك مشاريع مناسبة تستوعب بعض هذا الإنتاج، وفي حال أردنا نموًّا قويا للشركة فعليها الاستثمار الفعلي والقوي فيما يعتمد عليها منتجها في الأساس وهو البتروكيماويات، وهذا سيسبب تعارضا مع عمل سابك، ولذا فلا بد أن يكون هناك نوع من الاتفاق لكي نضمن استفادة أرامكو من سابك، وأن سابك لن تعاني خلال تلك العملية. لذلك وصلنا إلى نقطة أن صندوق الاستثمارات العامة سيقوم ببيع حصته التي يملكها في سابك والبالغة 70% لصالح أرامكو، وأرامكو سوف تقوم بباقي العمل المتعلق بالاندماج -أو أيا كان ما سيفعلونه بسابك- من أجل الحصول على شركة عملاقة في هذا المجال في المملكة العربية السعودية وفي العالم أجمع. التأكيد أن المبلغ الذي سيأتي من تلك الصفقة سيذهب لصندوق الاستثمارات العامة، ولكننا لا نستطيع طرح أرامكو للاكتتاب بعد تلك الصفقة مباشرة، لأنك تحتاج على الأقل لسنة مالية كاملة قبل الطرح العام. لذا نعتقد أن الصفقة ستتم في عام 2019، وعلى ذلك فأنت تحتاج إلى عام 2020 بالكامل قبل الطرح العام لأرامكو).
أخيرا، الحديث مليء ومهم ويحتاج التوقف عند كل كلمة فيه، وهو درس في السياسة والاقتصاد والاجتماع، والدهاء، حفظ الله الأمير وسدد خطاه، وحفظ الله العاهل الوالد خادم الحرمين الشريفين، وأعزّ الله السعودية، وحمى أهلها.

&