&حمد الكعبي

&

&الغموض في قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي سيزول قريباً، فالرياض تبذل جهداً داخلياً وخارجياً واسعاً، تزامناً مع حملة تشويه مبرمجة، تتعامل معها بمسؤولية واتزان، وتفهم أبعادها ومراميها، كما أنها تدرك تماماً أن قضية خاشقجي صنعت هيكلاً خشبياً ضخماً يشبه حصان طروادة، يختبئ في جوفه كثير من أعداء المملكة، التي شرعت منذ نحو عام في سياسات انفتاح اقتصادية وثقافية مشهودة، تزعج بعض الأطراف على ضفاف الخليج العربي.

السعودية دولة ناضجة وناجزة، وجمال خاشقجي أحد مواطنيها، وعلاقته ببلاده شهدت كثيراً من التجاذبات، وموقفه من تأييد بعض حركات الإسلام السياسي أثار أكثر من سؤال وجدل، وثمة كلام كثير يُقال عن الرجل، لكنّ هذا ليس سياقه الآن، ويُحسب للمملكة أنها تركز الآن على الحقائق في اختفائه، ولم تطرح أي خلافات أو تباينات سابقة.


ننتظر وضوح الصورة تماماً. لكن ما يهمنا في هذا الملف الشائك والمعقد ألا يعلو شأن الدول المارقة في الإقليم. أعني الدول الناشطة في تهريب الأسلحة والعملات الأجنبية، والمتورطة في فضائح التجسس، والتآمر على أمن السعودية والإمارات والخليج العربي. يهمنا هذا الاستغلال المريب لقضية خاشقجي من دول تمتلك تاريخاً أسود في قضايا حقوق الإنسان.


فهذه إيران تحرك الآن ماكيناتها الدعائية نحو قضية خاشقجي، وهي الدولة المصنفة «الأسوأ» في العالم في الحريات الصحافية، وفقاً لمنظمة «فريدوم هاوس»، وتحتل المرتبة الـ175 من أصل 179 دولة، في مجال حرية التعبير، وسجلها في إعدام الصحافيين والمعارضين السياسيين موثق ومعروف، ولا ضرورة للحديث عن الدور القطري المخزي في ملف خاشقجي، فهذا أقل ما اعتدنا عليه من إعلام الأكاذيب، وقد تورط في جرائم أشد بشاعة ضد العرب، وخان جيرانه، واختبأ مع الأعداء في حصان طروادة الجديد.
يهمنا في الإمارات، وفي العالم العربي المتضامن مع السعودية الآن أن تواصل المملكة دورها القيادي في العالمين العربي والإسلامي، بذات الزخم والقوة. هذا الدور لا يمكن إضعافه بالتهويل والأمنيات الخائبة، وتدويل القضايا الداخلية، فبلاد الحرمين الشريفين مفتاح الحل لأزمات المنطقة، والمجتمع الدولي لا يتجاوز الرأي السعودي في ملفات الإقليم كافة، وخصوصاً العلاقة المضطربة بين الدول الكبرى وإيران، بسبب استقوائها النووي، وهيمنتها، وتدخلها الخبيث في شؤون دول عربية عدة.
كما أن الرؤية السعودية لحل الصراع العربي- الإسرائيلي التي أطلقها الملك عبد الله بن عبدالعزيز، رحمه الله، وسُميت بـ«المبادرة العربية» عام 2002، لا تزال أبرز إطار للعملية السلمية، وتسعى إلى التوصل إلى حل شامل على أساس قيام الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، وبما يكفل إنهاء معاناة اللاجئين الفلسطينيين.


ستبقى السعودية مركزاً روحياً وسياسياً رئيسياً في العالمين العربي والإسلامي، أما الدول المارقة، فتكتفي بالاختباء في عتمتها، ولن يعلو لها شأن..

&

&

&