&أحمد الشهري

&

انتهجت المملكة نهجا غير مسبوق في تاريخها الاقتصادي، ووضعت خطة استراتيجية استباقية تنسجم مع تغيرات كبرى سيشهدها العالم على منهجيات التجارة والاستثمار. سأتحدث اليوم عن مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار 2018" الذي أقيم في مدينة الرياض من زاوية مختلفة والإجابة عن سؤال، كيف يمكننا أن نستغل هذا الحدث المهم ونحوله إلى فرصة مستدامة ونجعل من السعودية ملتقى مستثمري العالم، وما المقومات التي تمنح السعودية هذا الحق؟

تشير بعض الاستطلاعات إلى أنه لا يزال نصف مستثمري العالم متأثرون بالأزمة المالية الماضية - على الرغم من مرور عقد على حدوثها؛ لذا يتطلع العالم إلى صناعة اتجاهات استثمارية جديدة وغير تقليدية - ولا سيما على مستوى الاستثمارات المشجعة على النمو والإنتاج وإيجاد الوظائف وتنمية رأس المال بوتيرة أسرع وأكثر ربحية. من بين أكبر الأرباح التي يحققها المستثمرون حاليا على مستوى العالم، الدخول في استثمارات ذات اتجاهات الجديدة في وقت مبكر، على سبيل المثال، كالاستثمار في الذكاء الصناعي والتقنية المالية والحيوية والزراعية وفي إنترنت الأشياء والبلوك تشين للأصول المشفرة، كالعقود والوثائق والأدوية وسجلات المرضى والنقود الرقمية؛ لذا فإن الاتجاهات الاستثمارية الجديدة تقوم على أساس الإبداع والابتكار والخروج من المنافسة التقليدية إلى مناطق أكثر إبداعا وربحية.

تميل الأموال حول العالم إلى الاستثمار في الأسواق الناشئة كواحدة من الاتجاهات الاستثمارية الحديثة بدلا من ملاحقة فوائد السندات؛ ويعزى ذلك إلى العوائد المغرية في الاتجاهات الاستثمارية الجديدة. بالعودة إلى مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار 2018"، أرى أن السعودية جاهزة أن تكون ملتقى مستثمري العالم في مجال التمويل والترويج للاستثمارات عن طريق إيجاد جو دولي يروج للاتجاهات الاستثمارية الجديدة حول العالم، سواء للحكومات أو الشركات - ولا سيما أن البحث أصبح متزايدا عن أصحاب الفوائض المالية من صناديق استثمارية أو محافظ تمويل متخصصة، والمملكة يمكن أن تكون رائدة في الربط بين ثنائية الاستثمار والتمويل بما تملكه من مقومات. السعودية تمتلك رابع أكبر احتياطي نقدي عالمي بعد الصين واليابان وسويسرا؛ يؤهلها أن تصبح ملتقى مستثمري العالم وعاصمة تمويل الأعمال والحكومات - ولا سيما أن حجم النقد الأجنبي لديها تخطى 500 مليار دولار، إضافة أن كتلة النقد في الاقتصاد السعودي كبيرة، ثم إن المملكة تمتلك ميزة نسبية على مستوى قوة التدفق النقدي المستمر للارتباط بالنفط والطاقة. الجهاز المصرفي السعودي يتمتع بصلابة مالية وتنظيمية تمكنه من تولي مهمة مرور الأموال الدولية عبر جهازه المصرفي لعقد الصفقات الاستثمارية بين الدول وبين الصناديق المالية الوطنية والعالمية وبين المستثمرين. أرى أن تصمم مبادرة ضمن مستهدفات "الرؤية 2030" لجعل الرياض ملتقى الأموال العالمية بشكل دائم؛ لعقد الصفقات المالية وتبادل الفرص الاستثمارية بين الحكومات والشركات واكتشاف الاتجاهات الاستثمارية الجديدة والترويج لها عالميا بهدف دعم آفاق النمو العالمي.

&