& خالد أحمد الطراح

&

في ضوء ما نشرته القبس (14 – 16 اكتوبر 2018) من اجزاء لتقرير اللجنة الحكومية التي كلفتها الحكومة بالتحقيق في محاور استجواب الاخ وزير النفط بخيت الرشيدي حول «مخالفات وتجاوزات وضرر المال العام»، على حد ما ذكر في التقارير المنشورة، يبرز السؤال في مدى الحاجة والضرورة لاستعانة الحكومة لقضاة للتحقيق في نتائج التحقيق الحكومي بدلا من احالة الملف برمته الى جهة الاختصاص، وهي السلطة القضائية، لمباشرة ما تراه مناسبا، بدءا من تحقيقات النيابة العامة وانتهاء ان استدعى الامر بالإحالة الى المحكمة المختصة.


مع كل التقدير والاحترام للسادة القضاة الذين تم تكليفهم في نتائج التحقيق الحكومي (القبس 16 سبتمبر 2018) بناء على طلب رسمي لوزير العدل في كتابه المؤرخ 9 سبتمبر 2018، الا انني، من باب الحرص على مرفق القضاء وتكريسا لاستقلاليته، حتى في ظروف تعثر صدور قانون استقلالية القضاء منذ سنوات، وتقديرا لمكانة السادة القضاة المكلفين النظر والتحقيق في نتائج التحقيق الحكومي وفحص كل الأوراق والمستندات المتعلقة في محاور استجواب وزير النفط، اجد نفسي ليس متحفزا لتأييد قرار وزير العدل سالف الذكر لأسباب قد تحتمل الصواب والخطأ، ولا تتعدى الاجتهاد بهدف النأي بالسادة الافاضل القضاة المكلفين، عن اي تطورات مستقبلية قد تكون محل جدل قانوني وسياسي.
على سبيل المثال، فيما لو انتهت اللجنة القضائية الى قرارات تتلاقى مع نتائج التحقيق الحكومي بخصوص «الضرر والمخالفات»، او حتى في حال عدم التلاقي وصدور قرارات تبرئ ساحة المسؤولين في الجهات النفطية، ما هو السيناريو المحتمل سياسيا او قانونيا؟


سياسيا، قد يكون هناك تصعيد نيابي يجبر الحكومة على احالة الملف برمته الى النيابة العامة للتحقيق، وهو امر وارد، خصوصا في ظل تصاعد وتيرة التوتر بين بعض الاعضاء نواب الامة ووزير النفط منذ انتهاء التحقيق الحكومي.
قانونيا، قد يخرج اي كان بالطعن بالتوصيات التي يمكن ان تتوصل اليها اللجنة القضائية، باعتبار قرارات وتوصيات اللجنة القضائية لا ترقى ان تكون حكما قضائيا باتا.
كما من الممكن ايضا في حال قرر السادة القضاة تأييد الادانة او اي شبهات «ضرر المال العام» او مخالفات ادارية ومالية، كما ورد في تقرير اللجنة الحكومية، من الممكن ايضا ان تصطدم التوصيات مع تحقيقات النيابة العامة وإجراءاتها، وكذلك اي احكام قضائية في حال تمت احالة القضية الى القضاء.


امام مثل هذه الاحتمالات، حتى لو كانت ضئيلة جدا، ايهما افضل: النأي بالقضاة عن التحقيق في نتائج لجنة حكومية وترك الامر برمته للسلطة القضائية، ام تعريض رأي قضائي للتجريح ضمن اروقة السلطة القضائية او السلطة التشريعية؟
أكتب هذه السطور تكريسا لاحترام مكانة السادة القضاة، سواء كانوا على منصة المحكمة او خارجها، وكنت اتمنى ان يشاركني الرأي وزير العدل فهد العفاسي، وهو اساسا صاحب خبرة قانونية، يعي تماما حجم الحاجة للنأي بالقضاة عن اي احتمالات صدام سياسي او قانوني.
وتظل ثقتنا كبيرة جدا بعدالة القضاء وبصيرة السادة القضاة، ونكرر للمرة المليون للحكومة نداءنا بالنأي بالقضاء عن الميدان السياسي، تكريسا لاحترام وتقدير السلطة القضائية.

&