& &أحمد الجميعـة

وقْف الحرب في اليمن والدخول في مفاوضات سياسية مرتقبة لجميع أطراف الأزمة في السويد لا تعني التخلي عن المرجعيات الثلاث المعلنة للحل، ولا تقتضي التراجع عن المطلب الأول لقوات التحالف بعودة الشرعية، واستعادة الدولة اليمنية من الانقلابيين، وحماية أمن المنطقة، وضمان استقرارها من أي تدخلات إيرانية، إلى جانب الحفاظ على المكتسبات اليمنية أرضاً وإنساناً، وكل ذلك أساس للتفاوض والحوار.

الدعوة الأميركية بإيقاف الحرب والجلوس إلى طاولة المفاوضات خلال شهر، والتأييد الغربي لها ليس جديداً؛ فالجميع يريد أن ينهي الحرب، ولا يرغب الاستمرار فيها، والحكومة اليمنية وقوات التحالف كانوا ولا زالوا مصرين على أن الحل في اليمن سياسي، ولكن الحوثي الذي رفض الحضور إلى جولة المفاوضات الأخيرة في جنيف، وتجميد المفاوضات منذ أغسطس 2016 في الكويت؛ له وجهة نظر أخرى في إطالة أمد الصراع، والبحث عن مخرج للالتفاف على قرار مجلس الأمن 2216، والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، من خلال تعميق المشروع الإيراني في أجنداته، وخطابه، وواقع تحركاته على الأرض، واستهداف المملكة بصواريخه، وتهديد سلامة الملاحة البحرية لمضيق باب المندب وجنوب البحر الأحمر، وكان آخرها الاعتداء على ناقلة النفط السعودية.

صحيح أن الظروف في هذه المرحلة مختلفة؛ فالولايات المتحدة لديها مشروع استراتيجي للمنطقة، أهمها التصدي للمشروع الإيراني، وإحلال السلام الفلسطيني الإسرائيلي، وإنهاء الأزمة السورية، كما أن إيران نفسها تواجه تحديات اقتصادية في الداخل بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، وأخرى في مواقع وجودها في سورية والعراق ولبنان، كذلك المكاسب الكبيرة التي حققتها قوات التحالف والجيش الوطني اليمني على الأرض، وكل هذه المعطيات بحاجة أن يقرؤها الحوثي جيداً؛ فحليفه الإيراني في مأزق، وأميركا جادة عن أي وقت مضى لإنهاء الأزمة في اليمن، والحكومة اليمنية الشرعية مدعومة من قوات التحالف مستعدة للتفاوض على أساس واضح من المرجعيات الثلاث.

السؤال الأهم: هل الحوثي مستعد لإنهاء الأزمة بعد الدعوة الأميركية والتأييد الدولي، أم لا يزال يفكّر بمصالح إيران ومشروعها الذي لم يرَ النور في اليمن، ويستعد لمواجهة أكبر مع الغرب؟ والواقع أن الحوثي لم يعد له خيارات كافية على الأرض، ولم يعد له حضور يحفظ له وجوده في العملية السياسية في اليمن سوى طاولة الحوار، وعندها سيفكّر الحوثي بعد أربع سنوات من انقلابه بمصالحه وليس مصالح غيره، وهذه النقطة الأهم التي ستجعل من مفاوضات السويد المرتقبة نقطة تحول مهمة في الأزمة اليمنية.