&أسامة سليمان&&

أكد تقرير "فوربس" الأمريكي أن إخراج الصادرات الإيرانية من المعروض العالمي بموجب العقوبات التي يبدأ تنفيذها بعد ساعات، يمثل ضربة كبيرة للاقتصاد الإيراني، ولا سيما مع توقف إيران مرة أخرى عن نظام المعاملات المالية المصرفية – سويفت - لافتا إلى أن الاقتصاد الإيراني أصبح بالفعل في وضع محفوف بالمخاطر وقد تكون عائدات إيران المتناقصة من انخفاض صادرات الخام أكثر تأثيرا مع مرور الوقت.
وأوضح التقرير الدولي أن إلغاء هذه العقوبات أو تخفيضها بمرور الوقت غير مطروح كما أن الانخفاض التدريجي في صادرات النفط الإيرانية لن يشعل الأسعار بسبب الزيادات المقابلة من دول أوبك وخارجها، وبالتالي لن يتم إلحاق الضرر بالمستهلكين خاصة الأمريكيين وتحديدا في هذه الفترة الحرجة التي تشهد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس.


وذكر التقرير أن تلك العقوبات جاءت بعد مهلة استمرت ستة أشهر على أثر إعلان إدارة الرئيس دونالد ترمب فى أيار (مايو) الماضي أن الولايات المتحدة ستنسحب من الصفقة النووية الإيرانية، وستعيد فرض العقوبات على صناعة النفط الإيرانية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تتوقع من الدول خفض وارداتها من نفط إيران إلى الصفر مع عدم منح أي تنازلات على عكس ما حدث تحت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، وأن إمهال ثماني دول بعض الوقت لإنهاء الصفقات مع إيران لا يعني تنازلات.
وتوقع التقرير أن تكون روسيا من الدول الرئيسية المستفيدة من فرض العقوبات على إيران، لأنه قد يتم تخفيف العقوبات الدولية على موسكو لدعم جهود "أوبك" بشكل أكثر كفاءة لتحقيق التوازن والاستقرار في سوق النفط، مشيرا إلى أن "أوبك" وحدها لا تتحكم في السوق، ومن هنا تجيء أهمية التحالف مع دول خارج "أوبك" بقيادة روسيا الذي انطلق في عام 2016 ومن المتوقع أن يشهد تطورا نوعيا كبيرا في الشهر المقبل.
وأبرز التقرير، قول المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، للإعلام الروسي أخيرا، "لقد أثبتنا لأنفسنا أننا نستطيع العمل مع روسيا وأن نحافظ على التوازن في الأسواق فيما إذا كان هناك نقص أو فائض في العرض".
وأضاف التقرير أن "تكلفة الإنتاج المنخفضة للغاية في إيران جعلتها تلجأ إلى حرب الأسعار للبقاء والاستمرارية في سوق النفط الخام".
وذكر التقرير أن الطاقة الاحتياطية في "أوبك" وخارجها هائلة، وأنه يمكن احتواء تداعيات العقوبات حتى إن وصلت الصادرات الإيرانية إلى مستوى الصفر، مشيرا إلى أن طهران لديها أقل من نصف الطاقة الإنتاجية في موسكو وحدها.
وأضاف أن "تكاليف الإنتاج في إيران تعد بالفعل منخفضة للغاية حيث تبلغ تسعة دولارات للبرميل الواحد مقابل 19 دولارًا للبرميل في روسيا وهو ما يثير القلق من احتمال لجوء طهران إلى حرب أسعار شريرة"، مرجحا أن تهدد إيران بقية المنتجين بأسعار شديدة الانخفاض إذا تم الاستحواذ على حصتها – بحسب ادعاءاتها -.
ويرى التقرير أن هذا التوجه المحتمل يجيء على الرغم من المساندة التي تلقتها إيران من "أوبك" في عام 2016 بعد رفع العقوبات الأولى عنها حيث تم إعفاؤها من خفض الإنتاج، ومن ثم سارعت إلى إحياء إنتاجها النفطي بوتيرة سريعة وزادت الطاقة الإنتاجية من 2.8 إلى 3.8 مليون برميل يوميا.
في سياق متصل، توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعد بدء سريان العقوبات الأمريكية على إيران، التي من المتوقع أن تهوي على نحو حاد بمستوى صادرات النفط الإيرانية على الرغم من منح الولايات المتحدة إعفاءات لثماني دول من وقف استيراد النفط الإيراني، مع التعهد بالاستمرار في الخفض التدريجي للواردات من إيران.
وأوضح المحللون أن عودة القلق من وفرة المعروض وتباطؤ النمو الاقتصادي والشكوك في معدلات نمو الطلب أدت إلى تحجيم انعكاسات العقوبات على ايران على مستوى أسعار النفط الخام وجعل الأسعار رغما عن ذلك تخسر نحو 15 في المائة خلال شهر.
وفي هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، "إنه بسبب حالة عدم اليقين في السوق مع بدء فرض العقوبات على ايران، من المرجح أن تشهد الأسعار استمرار التقلبات بسبب ضغوط العقوبات في مقابل عودة وفرة الإمدادات مع تباطؤ الطلب".


وأوضح شتيهرير أن بدء العقوبات على ثالث أكبر منتج في "أوبك" له تأثير دون شك في سوق النفط، لافتا إلى حدوث تخارج جماعي لمشتري النفط الإيراني منذ الإعلان عن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي في أيار (مايو) الماضي، مشيرا إلى أن أحدث البيانات الاقتصادية تؤكد تراجع مبيعات النفط الإيراني بنحو 37 في المائة منذ أيار (مايو) الماضي.
من جانبها، تقول لـ "الاقتصادية"، الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير الباحثين في المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، "إن منتجي النفط الخام بقيادة السعودية قادرون على ملء الفجوة التي سيخلفها النفط الإيراني بعد تطبيق العقوبات كاملة"، مشيرة إلى أن المخاوف حاليا تتمثل في احتمال استنزاف الطاقات الاحتياطية.
ولفتت إلى تأكيد وكالة الطاقة الدولية أن وتيرة تراجع الصادرات النفطية الإيرانية سريعة للغاية وربما تكون أسرع فى الأسابيع التالية عقب بدء سريان العقوبات، مشيرة إلى أن سماح الإدارة الأمريكية لثماني دول بشراء النفط الإيراني إجراء مؤقت لكن الوصول بالصادرات الايرانية إلى مستوى الصفر قد يكون هدفا قائما على مدى زمني أطول.
وكانت أسعار النفط قد هبطت نحو 1 في المائة في ختام الأسبوع المنصرم، منهية الأسبوع على خسارة تزيد على 6 في المائة، مع قلق المستثمرين من وفرة المعروض بعد أن قالت الولايات المتحدة "إنها ستمنح إعفاء مؤقتا لثماني دول من عقوبات على إيران".


وأعلن مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي القرار في مؤتمر بالهاتف، وقد تسمح الإعفاءات لمشترين كبار بمواصلة استيراد النفط الإيراني بعد أن يبدأ سريان عقوبات اقتصادية أمريكية اليوم الإثنين.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام برنت جلسة التداول منخفضة ستة سنتات لتبلغ عند التسوية 72.83 دولار للبرميل، بينما تراجعت عقود الخام الأمريكي 55 سنتا، أو0.89 في المائة، لتنهي الجلسة عند 63.14 دولار للبرميل.
وعقود الخامين القياسيين كليهما منخفضة بأكثر من 15 في المائة عن أعلى مستوياتها في نحو أربع سنوات التي سُجلت في أوائل تشرين الأول (أكتوبر).
وتتعرض أسعار النفط لضغوط أيضا من زيادة كبيرة في الإنتاج العالمي من الخام على مدار الشهرين الماضيين. وأظهرت بيانات من وزارة الطاقة الروسية أن روسيا ضخت 11.41 مليون برميل يوميا في تشرين الأول (أكتوبر) وهو أعلى مستوى في 30 عاما.


وزادت منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" الإنتاج في تشرين الأول (أكتوبر) بمقدار 390 ألف برميل يوميا ليصل إلى 33.31 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى له منذ 2016.
وتتنافس الولايات المتحدة مع روسيا على لقب أكبر منتج في العالم مع وصول إنتاج الخام الأمريكي الآن إلى مستويات فوق 11 مليون برميل يوميا.
وأظهر التقرير الأسبوعي الصادر عن شركة الخدمات النفطية الأمريكية "بيكر هيوز" تراجع عدد منصات استخراج النفط العاملة في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي، وذلك للمرة الأولى خلال أربعة أسابيع.
وذكرت وكالة بلومبيرج للأنباء الاقتصادية أن عدد منصات استخراج النفط العاملة في الولايات المتحدة تراجع خلال أسبوع بمقدار منصة واحدة ليصل إلى 874 منصة، في حين بلغ عدد منصات استخراج الغاز الطبيعي 193 منصة، ليصل إجمالي عدد المنصات إلى 1067 منصة وهو قريب من أعلى مستوى له منذ ثلاثة أعوام.
ويعد عدد المنصات العاملة في الولايات المتحدة مؤشرا أوليا على مستويات إنتاج النفط في المستقبل.


وكان عدد منصات النفط في مثل هذا الوقت من العام الماضي 729 منصة بحسب بيانات "بيكر هيوز"، حيث زادت شركات النفط إنتاجها خلال العام الحالي للاستفادة من أسعار الخام المرتفعة.
وكانت أسعار النفط قد لقيت خلال الأسبوع دعما إلى جانب أسواق الأسهم الآسيوية بعد مكالمة هاتفية بين الرئيسين الصيني والأمريكي ما عزز الآمال في إمكانية حل خلاف تجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.
وقال مكتب الاستشارات المالية "أواندا" في مذكرة "إن أسعار النفط تراجعت لأن الأسواق تخشى حدوث إفراط في العرض قبل دخول العقوبات على إيران حيز التنفيذ".
وعاود الإنتاج الأمريكي الصعود خلال الأسبوع الماضي لأعلى مستوى في تاريخه عند 11.20 مليون برميل يومياً كما تواصل مخزونات الخام في البلاد الارتفاع للأسبوع السادس على التوالي.
وارتفعت مخزونات الخام بمقدار 3.2 مليون برميل في الأسبوع الماضي، في حين كانت توقعات المحللين تشير إلى زيادة قدرها 4.1 مليون برميل.
وذكرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات الخام في مركز التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما ارتفعت 1.9 مليون برميل.
وأظهرت بيانات الإدارة أن استهلاك مصافي التكرير للخام زاد بمقدار 149 ألف برميل يوميا، وزادت معدلات تشغيل المصافي 0.2 نقطة مئوية.
وتراجعت مخزونات البنزين 3.2 مليون برميل، في حين أشارت توقعات المحللين في استطلاع إلى انخفاض قدره 2.1 مليون برميل.
كما هبطت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، بمقدار 4.1 مليون برميل، في حين كان من المتوقع أن تهبط 1.4 مليون برميل.
وانخفض صافي واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي بمقدار 639 ألف برميل يوميا.