&حمد الكعبي

«خليفة سات» استقر في مداره منذ أسبوع، وانضم إلى ثمانية أقمار صناعية إماراتية تدور الآن حول الكرة الأرضية، وتعزز وجود الإمارات في الفضاء، إلى جانب الدول الكبرى المتمرسة في هذا الأفق، وقد سلكنا طريق التعليم النوعي مبكراً، ومستمرون في برنامجنا الطموح إلى المريخ بـ«مسبار الأمل»، وإلى خطوات يضعها شبابنا رواد الفضاء على سطح كوكب آخر.
تسعة أقمار، بينها «خليفة سات»، أول قمر صناعي يطوره علماء إماراتيون بالكامل، ويحمل اسم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، ويشكل ثمرة أكثر من إنجاز وطني، من التعليم الأساسي، إلى الجامعي، إلى كل المفاهيم المتطورة التي نضجت في بلادنا في العقود الماضية، وجعلتنا دولة مزدهرة، ومثالاً على أن الدول المعتدلة سياسياً هي الأقدر على بناء مجتمعات منتجة ومتعايشة وآمنة، تكون بمثابة قاعدة لتقدم العلوم والتكنولوجيا والابتكار.
«خليفة سات» في الفضاء، أما على الأرض، فلدينا سبعون عالماً إماراتياً، ولدينا العقول والقدرات والإمكانات للصعود أكثر فأكثر إلى الفضاء، وهذه ثروة لا تنضب أبداً، وهم الآن يتابعون قمرنا الذي صمموه وصنعوه وطوروه في مختبرات «مركز محمد بن راشد للفضاء»، وهم جاهزون لقمر آخر، أي لصناعة إماراتية أخرى، فهم أنفسهم من صنع بلادنا، وفي صميم فخرها.

لنقرأ السير الذاتية لعلمائنا الشباب الذين وضعوا بصمة إماراتية خالصة على «خليفة سات»، سنجد كثيرين من خريجي الجامعات المحلية وكليات التقنية العليا، وأصبحوا الآن يحملون مشروعاً استراتيجياً للإمارات، فالشباب الذين تتراوح أعمارهم حول 29 عاماً هم حصاد وفير وغني لما زرعته قيادتنا في العقود الماضية، فلم نوفر فكرة أو تجربة أو نظاماً يجعلنا قادرين على تطوير التعليم إلا ذهبنا إليه.

فنحن من أوائل الدول التي سمحت بتعدد أنظمة التعليم المدرسي، وأتاحت للمدارس العالمية مجالاً واسعاً للانتشار، في موازاة تقدم التعليم الحكومي، وإدماجه في المفاهيم والتطبيقات والوسائل الرقمية.
نمتلك اليوم العلماء والصناعة والمصنع في قطاع الفضاء، ومن مشروعاتنا بعد استكشاف المريخ في العام 2020، وتسمية رائدي فضاء إماراتيين، أن نبني أول مدينة على سطح المريخ خلال النصف الأول من القرن المقبل، وذلك لا يبدو خيالياً أو بعيداً لجهة القدرة والطموح، سيما أن الإمارات بدأت برنامجها الفضائي قبل أربع سنوات فقط، وها هي بين الدول البارزة التي تمتلك وكالات للفضاء، وجيلاً من العلماء الذين ولدوا ودرسوا في مدارس بلادهم وجامعاتها.
سيكون الـ29 من أكتوبر 2018 يوماً نؤرّخه في ذاكرتنا الوطنية، فقد أرسل فيه «عيال زايد» قمراً صناعياً إماراتياً مكتملاً بعزمهم وعلمهم إلى الفضاء، بعدما عمر الأجداد في الأرض، وأحسنوا في عمارتها بالعدل والتسامح والسلام.&