& مكرم محمد أحمد

&

فى احتفالات باريس بمرور مائة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى التى حضرها الرؤساء الأمريكى ترامب والروسى بوتين وبالطبع الفرنسى ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ساروا جميعاً على الأقدام وسط شارع الشانزليزيه كتفاً إلى كتف، فيما عدا الرئيس الأمريكى ترامب الذى آثر أن يسير وحده وصولاً إلى قوس النصر الذى شيده نابليون تخليداً لانتصارات الإمبراطورية الفرنسية، فى هذا الاحتفال احتدم الخلاف بين الرئيس الأمريكى ترامب وقادة أوروبا بسبب تصريحات الرئيس الفرنسى ماكرون عن حاجة أوروبا إلى إنشاء جيش أوروبى موحد دفاعاً عن أمنها، بعد أن بات واضحاً صعوبة الاعتماد على القوات الأمريكية لتحقيق أمن أوروبا، غير أن الرئيس الأمريكى ترامب الذى استفزته تصريحات ماكرون سارع إلى التغريد على تويتر، واصفاً تصريحات الرئيس الفرنسى بأنها مُهينة، مُطالباً أوروبا بأن تدفع أولاً نصيبها العادل فى حلف الناتو الذى تدعمه الولايات المتحدة لأن عبء الدفاع عن أمن أوروبا يقع بشكل كبير على عاتق الولايات المتحدة، وحاول الرئيس الفرنسى ماكرون نزع فتيل أزمة جديدة يمكن أن تنشب بين أمريكا والقادة الأوروبيبن بما يزيد الوضع سوءاً، مشيراً إلى أن تصريحاته تم تفسيرها بصورة خاطئة وأنه لم يقل أبداً إن أوروبا تحتاج إلى جيش أوروبى يقف ضد الولايات المتحدة، ورد الرئيس الأمريكى مؤكداً أن بلاده تريد أوروبا قوية لكن على أوروبا أن تكون عادلة عندما يتعلق الأمر بتقاسم عبء الدفاع غير أن أمريكا يهمها أن تبقى أوروبا قوية وأيا كانت الطريقة الأفضل والأكفأ فإن كلينا، الولايات المتحدة وأوروبا ينبغى أن يفعل لأن هذا حقيقة ما تريده. ولدى استقبال الرئيس الأمريكى فى قصر الإليزيه أقر الرئيس الفرنسى ماكرون بأن تصريحاته عن الجيش الأوروبى الواحد يمكن أن تسبب نوعاً من الإرباك، وأنه يتفق مع الرئيس الأمريكى بشأن حاجة أوروبا إلى تمويل جزء أكبر من تكاليف حلف شمال الأطلسى «الناتو» وأن تقدم أوروبا مزيداً من الإسهام فى العبء المشترك.

&وشدد اللقاء المشترك الذى جمع الرئيس الأمريكى مع قادة أوروبا فى اجتماع باريس الذى حضره الرئيس الروسى بوتين على أن المملكة العربية السعودية هى حجر الزاوية فى استقرار الشرق الأوسط، وتحقيق التوازن فى العلاقات بين المنتجين والمستهلكين فى سوق الطاقة، كما أنها تلعب دورا ًمهماً فى توازن المصالح المالية بين دول العالم بما يوجب على الجميع عدم تعريض استقرارها لأى هزة، لكن الواضح من لقاء الرئيسين الفرنسى والأمريكى أن الاثنين يتفقان على ضرورة إرساء أسس حل سياسى فى اليمن، وإن اختلفا حول دعوة ماكرون إلى وضع أسس حوار جديد مع طهران بموازاة العقوبات الأمريكية الجديدة، التى أكد الرئيس الأمريكى أنها أضعفت طهران كثيراً رغم محاولات إيران الالتفاف عليها، والواضح أيضاً أن كلا من الرئيس الأمريكى ترامب والفرنسى ماكرون قادران على ضبط وتنظيم خلافاتهما حول قضايا تغيرات المناخ ورفع التعريفة الجمركية والتعددية الثقافية، وإن كان الرئيس الفرنسى لا يُحبذ تغريدات ترامب على تويتر ويرى أن الحوار المباشر والإجابات الواضحة عن الأسئلة أفضل كثيراً من التغريد على تويتر، لكن الرئيس الفرنسى يبدو واثقاً من عودة الرئيس ترامب إلى اتفاقية المناخ وإن لم يحدد موعداً لهذه العودة. والواضح أيضاً من لقاءات باريس أن الرئيسين الأمريكى ترامب والروسى بوتين أجريا نقاشاً مثمراً حول معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدي، والأزمة السورية والعقوبات على إيران والوضع فى المملكة العربية التى يتوافق الجميع على أهميتها كقوة استقرار فى الشرق الأوسط والسوق النفطية العالمية وتحقيق الاستقرار المالى العالمى بما يوجب على الجميع عدم تعريضها لأى هزة.