& حمد الكعبي

&كنت في اليمن في أغسطس الماضي، وكنا وفداً إماراتياً زار أبطال قواتنا المسلحة، وتبادل معهم التهنئة في عيد الأضحى المبارك، وكتبت حينها عن فكرة «المعنويات العالية» في الثقافة العسكرية، فالمدنيون لا يعرفون أن الدافعية القتالية تتشكل من عقيدة وأخلاق وإيمان بعدالة المعركة، وهي إذْ تحفز الجنود على الإقدام والثبات، فإنها أيضاً تمنحهم طاقة هائلة من الحماسة والإيجابية، تنتقل إلى الآخرين بتأثير عميق.


كانوا في ثكناتهم وميادينهم، تحت لواء «الحزم والأمل»، يقضون العيد، بعيداً عن ذويهم وعائلاتهم، وكنا نظنّ أننا جئنا لرفع معنوياتهم، ولم تمر إلا لحظات قليلة حتى أدركنا أن قانون الجندية وناموسها، يتأسس على قيمة البطولة، وشرف التضحية، والثابت فيه، أن الروح المعنوية عالية دائماً، وتشكل مع الجاهزية والتدريب والشجاعة عوامل أساسية للنصر.


استعدت وجوه كثيرين من أبطالنا في اليمن، وأنا أشاهد صور أشقائهم أمس، يقلدهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسامي الشجاعة، والمجد من الطبقة الأولى، تقديراً وتكريماً لمواقفهم البطولية، لأنهم، كما قال سموه «يجسدون أسمى قيم الولاء والوفاء والانتماء والشجاعة المتجذرة لدى أبناء الإمارات، داخل الدولة وخارجها».


ففي الجيوش المحترفة، وقواتنا المسلحة في مقدمتها؛ تُمنح الأوسمة والأنواط، بموجب قواعد وتقاليد وإنجازات عسكرية في الجبهات والميادين، في سياق معايير محددة، هي الأكثر دقة وانضباطية، وكل جنودنا الذين علت صدورهم هذه الأوسمة، إنما استحقوا ذلك لنبل الواجب، وعظيم أفعالهم في ساحات الرجولة والكرامة.
لذلك، فإن وراء كل وسام حازه ضباطنا وجنودنا قصة بطولية، لا نعرف تفاصيلها، لأن العطاء، والتضحية، والشجاعة في التصدي للعدو منظومة متكاملة في الذهن العسكري، فيشعر الجندي أنّ كل ما يفعله لا يتعدى واجبه، فينهض به بزهو وتصميم، ساعياً إلى التعبير عن أعلى مستويات الإنجاز والفداء.


الجندي الإماراتي في اليمن يرفع سلاحه في وجه العدو، ويمدّ يده لأهلنا هناك، لنشر الأمن والسلام والتنمية، مثلما كان في لبنان والصومال وكوسوفو، فنحن دائماً كنا مشاركين في قوات حفظ السلام الدولية من لبنان إلى الصومال وكوسوفو، ومناطق أخرى، وقواتنا مشهود لها في نزع الألغام اقتداراً وخبرة، وعقيدتنا العسكرية قائمة على الدفاع عن الحق وإرساء الأمن والاستقرار، منذ أن شارك أبناؤنا في قوات الردع العربية في لبنان العام 1976، بعد شهور قليلة من توحيد قواتنا المسلحة.
أوسمة المجد والشجاعة ذروة تقدير الأبطال، وهم أنفسهم أوسمة فوق الجباه، وعلى الصدور، وفي القلوب.&