&FINANCIAL TIMES

اليابان تخاطر بتكرار الأخطاء القديمة

&روبن هاردينج&

في نيسان (أبريل) 1997، رفعت اليابان ضريبة الاستهلاك وانتهى الانتعاش الاقتصادي الواعد إلى ركود. في آب (أغسطس) 2000، ومرة أخرى في تموز (يوليو) 2006، رفع بنك اليابان المركزي أسعار الفائدة، فقط ليخفضها مرة أخرى نظرا لتدهور الاقتصاد ودخوله في حالة ركود. ومن غير الشعور بأي رادع، رفع رئيس الوزراء، شينزو آبي، ضريبة الاستهلاك في نيسان (أبريل) 2014. والنتيجة: ركود آخر.
يوجد أمر مكرر هنا. ومع ذلك، تعبث اليابان مجددا عبر ارتكاب الخطأ نفسه.


تولى آبي منصبه في عام 2012 متعهدا بإنعاش الاقتصاد وإنهاء الانكماش الذي ابتليت به اليابان منذ انفجار فقاعتها في عام 1990. عين هاروهيكو كورودا، محافظا لبنك اليابان المركزي، وأطلق الرجلان الحافز المعروف باسم آبينوميكس (برنامج آبي الاقتصادي).
اشترى بنك اليابان المركزي أصولا تعادل 100 في المائة من الناتج الياباني، ما أدى إلى إضعاف الين وخمسة أعوام من النمو الاقتصادي القوي، وتراجع معدل البطالة إلى 2.3 في المائة.
الآن توجد علامات تدل على أن إجهادا أصاب الحافز. تبقى لدى آبي ثلاثة أعوام حدا أقصى في منصبه. وهو يتوق، قبل أن يتنحى، إلى إعلان انتصار حافز آبينوميكس وهزيمة الانكماش. ويشدد رئيس الوزراء على أنه سيمضي قدما في فرض زيادة أخرى في ضريبة الاستهلاك في الخريف المقبل، وإن كان هناك بعض خطط التحفيز المشكوك فيها.
في هذه الأثناء، يقول كورودا إن اليابان "لم تعُد في وضع يجعل التنفيذ الحاسم لسياسة واسعة النطاق، للتغلب على الانكماش هو السلوك الأكثر ملاءمة للسياسة الاقتصادية". وإلى درجة غير معروفة إلى حد ما خارج البلاد، يشوش بنك اليابان المركزي على التزامه بسياسة نقدية سهلة، ويبتعد عن مزيد من الحوافز.
سيكون هذا الموقف منطقيا إذا تم القضاء على الانكماش بالفعل. لكن الأمر ليس كذلك. يحقق اقتصاد اليابان أداء أفضل بكثير، لكن التضخم الأساسي، الذي ارتفع 0.4 في المائة عن العام الماضي، لا يزال أقل بكثير من هدف بنك اليابان المركزي البالغ 2 في المائة.


عند درجة ما سينتهي التوسع العالمي الطويل. إذا نجت اليابان من الانكماش بصورة حقيقية، ستتحمل الصدمة الناتجة دون هبوط في الأسعار. لكن قليلين هم من يراهن على مثل هذه النتيجة اليوم.
جاءت أوضح إشارة تدل على التراجع في الالتزام بـحافز آبينوميكس مع تحرك بنك اليابان المركزي هذا الصيف لزيادة سقفه الفعلي لعائدات السندات لأجل عشرة أعوام من نحو 0.1 في المائة إلى 0.2 في المائة. وقال بنك اليابان المركزي إن هذا الأمر كان ضروريا من أجل "تعزيز الاستدامة" لما ستكون عليه سياسة التسهيل المستمر. إلا أن ذلك أدى إلى تشديد في الظروف المالية في وقت لا يزال فيه البنك المركزي بعيدا عن هدف التضخم الخاص به.
ينضم هذا القرار إلى فوضى متشابكة من الوعود. يواصل بنك اليابان المركزي تأكيده على أنه يشتري السندات الحكومية بمعدل سنوي يبلغ 80 تريليون ين، على الرغم من أنه تراجع عن وتيرة الشراء الفعلية إلى نحو 45 تريليون ين.
ولديه "التزام بتجاوز معدل التضخم"، ويبدو هذا أمرا صعبا، لكنه سيسمح له بالفعل برفع أسعار الفائدة قبل أن يصل التضخم إلى 2 في المائة. ويوجد أيضا تعهد جديد بإبقاء أسعار الفائدة كما هي "لفترة طويلة من الزمن" (في النسخة الإنجليزية من البيان) أو "في الوقت الحالي" (في النسخة اليابانية).


يقول كورودا إن المعنى الذي يقصده بنك اليابان المركزي أقرب إلى العبارة الإنجليزية. ومع ذلك، الانطباع العام هو أن البنك المركزي المتضارب بشدة لم يعد يبدو متأكدا بشأن ما يحاول تحقيقه. كان البنك محظوظا حتى الآن: ساعد ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة على إبقاء الين تحت السيطرة. لكن لا يمكن الاعتماد على استمرار هذا الحظ، خاصة إذا كان يميل إلى رفع سقف منحنى العائد مجددا.


سيكون من السهل قبول مثل هذه المنحنيات من بنك اليابان المركزي لو كان هناك مزيد من الأدلة على الآثار الجانبية السلبية من عملياته لشراء السندات الضخمة، لكن لم يعثر تقرير الاستقرار المالي الخاص بالبنك على "إشارات تدل على التسارع". ويعد صحيحا بالتأكيد أن مصارف اليابان تكافح من أجل كسب المال مع مثل هذا المستوى المنخفض من أسعار الفائدة. لكن السبب في ذلك هو أن اليابان لديها عدد كبير فوق الحد من المصارف. وليست مهمة البنك المركزي جعلها مربحة.
ألم يُمكن تفهّم الإغراء لإيقاف التسارع؟ ما الداعي مثلا للوصول إلى تضخم بنسبة 2 في المائة عندما تكون الأرباح مرتفعة ومعدل البطالة منخفضا؟ أليس الوضع الحالي مرغوبا إلى حد ما؟ لكن هذا يُشبه القول إنك تشعر بتحسن لذا ستتوقف عن تناول بقية المضادات الحيوية. إيقاف برامج التحفيز في منتصف الطريق تسبب في كل حالات الفشل السابقة ولن يكون من الممكن أبدا السيطرة على الدين العام الياباني ما لم يكُن الاستثمار والاستهلاك قويين بما فيه الكفاية ليحلا محل الإنفاق الحكومي. هذا هو الهدف أصلا من برنامج آبينومكس.


الطريق الصحيح للأمام واضح. ينبغي أن يتوقف بنك اليابان عن إضاعة الوقت وإعلان نيته بوضوح للحفاظ على برنامج التحفيز حتى يصل التضخم إلى أكثر من 2 في المائة. وينبغي لرئيس الوزراء إلغاء الزيادة الضريبية حتى يتحقق هذا الهدف.
معاً، آبي وكورودا، حققا أشياء رائعة. لديهما واجب الاستمرار. هذه قد تكون فرصة اليابان الأخيرة للهروب من الآثار المدمرة للركود الاقتصادي وانخفاض الأسعار – من الصعب تخيل أي شخص يمكن أن تتوافر لديه الإرادة السياسية للمحاولة مرة أخرى. حين تستسلم اليابان الآن، أو تدعي تحقيق انتصار زائف من أجل الراحة السياسية، فإن ذلك سيكون خطأ مأساوياً.