&أحمد عبدالتواب

&جاءت جريمة اغتيال خاشقجى على الأراضى التركية طوق نجاة لأردوغان من أزمته التى كانت تتصاعد مع واشنطن، والتى كانت وصلت إلى طريق مسدود لا خروج منه إلا بتراجع أحد الطرفين، خاصة أن الغطرسة العثمانلية كانت تلبسته ودفعت به فى مآزق لا يدرك مخاطرها عقله البراجماتى إلا بعد أن يرى نذرها! وكان قد ورَّط نفسه فيما يعجز عن إكماله، بالتشدد فى قضية القس الأمريكى أندرو برانسون، وأصر على حبسه ومحاكمته بتهمة دعم الانقلاب الفاشل. ومن ناحيته، تمسك ترامب بوجوب الإفراج عن مواطنه، وأخذت الإدارة الأمريكية قرارات تصعيدية بعقوبات ضد وزيرين تركيين اتهمتهما بالمسئولية عن اعتقاله، واندفع أردوغان فى تصريحات نارية ضد ترامب، ورد بمرسوم يرفع الجمارك على بعض الواردات الأمريكية، مع حملة تطالب بمقاطعة المنتجات الأمريكية..إلخ! وتذكرة لمن قد نسى، فقد وقعت هذه التفاصيل، وأكثر منها، قبل أسابيع قليلة من جريمة قتل خاشقجى، فإذا بأردوغان يتلقفها ويعتصر تفاصيلها وتبعاتها إلى آخر قطرة يمكن أن تفيده فى أزمته الأساسية، ويجعل من تعامله مع الجريمة ستاراً يغطِّى قراراته الجديدة التى تُرضِى ترامب وحلفاءه والتى كان كبرياء أردوغان يأبى عليه أن يتخذها! فقضت محكمة تركية، بعد عشرة أيام فقط من الجريمة، بحكم يعتبر عقوبة المواطن الأمريكى مساوية لفترة حبسه احتياطياً، ويُفرَج عنه فوراً ليعود إلى أمريكا بعد يوم واحد!!

&بل وأضاف أردوغان تنازلات أخرى تتناقض بالمطلق مع شعاراته الصاخبة عن تمسكه بفرض سيادة الدولة التركية على إقليمها ورفضه أى تدخل أجنبى، وكان يعتبر أن هناك عدواناً على الكرامة التركية إذا تعرض لأى نقد عن قراراته باعتقال مئات الآلاف..إلخ. ولكنه هذه المرة تحوَّل إلى شخص آخر، وإذا بالرفض المبدئى كأن لم يكن، ويوجه الدعوات لأمريكا وغيرها للاطلاع على المجريات الدقيقة لتحقيقات جريمة خاشقجى، بل والمبادرة بإخطارهم خطوة بخطوة عن التحريات التى تقوم بها أجهزته الأمنية، حتى مما لا يزال منها فى طور جمع المعلومات!! فلم يكن مستبعداً أن يحظى من الغرب بإشادات لجديته ومساندته العدالة وحرية الصحافة..إلخ

&