& أزراج عمر

حزب حركة مجتمع السلم والأحزاب الإسلامية الأخرى أصبحت أحزابا مناسباتية ينحصر همها في تسجيل النقاط، والاكتفاء برفع الشعارات الفضفاضة.&&

تكررت هذا الأسبوع من جديد ظاهرة مخاطبة الشعب الجزائري من طرف حزب حركة مجتمع السلم (حمس) بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي بدلا من الذهاب إلى الجزائر العميقة واللقاء المباشر مع الشعب والعمل على تنظيمه وتجنيده، لينتفض ضد الوضع المزري ومن أجل قهر المشكلات التي تفرض عليه من طرف أجهزة النظام.

منذ ثلاثة أيام لجأ رئيس حزب حمس عبدالرزاق مقري إلى تويتر وأرسل تغريدة قال فيها “الحكومة تقوم بتعويم السوق بالبضائع لخفض الأسعار الملتهبة. أي نوع من الاقتصاد هذا؟ إنها الرداءة بعينها، الحل ليس في الحلول الترقيعية لوقف توتر الجبهة الاجتماعية مؤقتا. لا تعالج الندرة بالسيطرة على السوق، إنما الحل في تدفق السلع المنتجة في الجزائر ومعالجة المشكل بالوفرة”.

من الملاحظ أن الأحزاب المعارضة، ومنها حزب حركة حمس، لا تمارس الأدوار الحقيقية المطلوبة منها شعبيا وإنما تكتفي بتسجيل تعليقات عابرة معبأة بالشكوى من الأزمات التي يفرَخها النظام الجزائري، ولا شك أن مثل هذا السلوك يكشف عن تدهور الأحزاب الإسلامية الجزائرية ودورانها في حلقة الشعارات الدينية الفضفاضة التي تعمق سطحيتها وفشلها الذريع في إنجاز أي تحول سياسي في البلاد، الأمر الذي جعلها غير مؤثرة في المواطنين. وجرّاء كل هذا صار النظام السياسي الحاكم بالجزائر لا يخشى منها إطلاقا بل أصبح يعاملها باحتقار.

إن انتقادات رئيس حزب حركة حمس للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية التي يعاني منها الجزائريون، وتحميله مسؤولية تفاقمها لرئيس الحكومة أحمد أويحيى لا تشكل أي موقف مؤسس على إبراز عناصر الأزمة العميقة للنظام الجزائري أمام المواطنين من أجل توعيتهم بأخطار هذه الأزمة من جهة، وتعبئة هؤلاء المواطنين على نحو متزامن للقيام بحركة الرفض المتواصل للسياسات المنتهجة التي حطمت معنويات الشعب الجزائري من جهة ثانية.

وفي الواقع فإن اكتفاء مقري بإرسال البرقيات عبر وسائل التواصل الاجتماعي هو مظهر من السلبية السياسية التي يستبعد أن تساهم في إحداث التغيير الراديكالي في المجتمع الجزائري وفي الحياة السياسية وفي المستوى المعيشي، بل إن مثل هذه البرقيات التي لا تتضمن أي تشخيص علمي ومادي للأزمة الاقتصادية التي تعصف بمستوى معيشة الجزائريين تدخل في إطار إعادة نمط الأزمة التي كرّسها النظام الجزائري.

ولا يكفي القول بعبارات سريعة إن حكومة أحمد أويحيى لا تفعل أي شيء عدا انتهاج “سياسات الترقيع والرداءة”، وأن هذا النمط من سياسات الترقيع هي التي حوّلت حياة المواطنين إلى جحيم جرّاء ارتفاع أسعار البضائع، وبسبب انعدام التوازن بين الدخل الشهري للمواطنين وبين تكاليف المعيشة اليومية التي ما فتئت تشهد ارتفاعا فاحشا.

المنتظر من المعارضة الجزائرية ومن رئيس حزب كبير مثل حزب حركة حمس هو النزول إلى ساحات الجزائر، وتوعية المواطنين بأخطار الوضع القائم الذي يتميز بوضع الاقتصاد الوطني الجزائري بين أيدي كمشة من المسؤولين الإقطاعيين الذين استولوا بطرق مختلفة وبدعم من قبل القوى الفاعلة في الجيش والأمن ورئاسة الجمهورية وغيرها من أجهزة النظام الحاكم على مفاصل وسائل الإنتاج، وسيطروا على علاقات الإنتاج الرأسمالية المتوحشة. فعبدالرزاق مقري شريك أيديولوجي أساسي للنظام الحاكم في القبول بالرأسمالية المتوحشة التي حوّلت المؤسسات الاقتصادية والمنتجة للثروة إلى إقطاعيات خاصة بالجنرالات والضباط والوزراء ورؤساء أحزاب الموالاة.

يلاحظ أن حزب حركة مجتمع السلم والأحزاب الإسلامية الأخرى قد أصبحت أحزابا مناسباتية ينحصر همها في تسجيل النقاط، والاكتفاء برفع الشعارات الفضفاضة، والدليل هو أن هذه الأحزاب لم تبذل التضحيات للتخلي عن مكاتبها الفخمة لتنطلق نحو إحداث التغيير الملموس في الوضع السياسي الجزائري الجامد.

حزب حمس لم ينتفض منذ البداية ضد الوضع السياسي الغارق في الرداءة، بل تورط في شراكة مع النظام باسم لعبة التحالف الرئاسي. وهنا نتساءل: لماذا لم يلجأ حزب حمس إلى العمل النضالي الجادّ كأن ينسحب من البرلمان الذي تحول إلى مزرعة خلفية للنظام؟ ولماذا لم يقاطع الانتخابات الفلكلورية؟ ولماذا بقي دون رؤية سياسية ذات خصوصية وطنية ومنهج يؤدي إلى تشكيل تنظيم عصري وله طابع شعبي واسع تكون مهمته ردع النظام الجزائري الذي يقمع المظاهرات السلمية ويخنق أي مظهر من مظاهر الانتقال الديمقراطي؟

&