&علي أبو الريش

تبدو الشارقة اليوم وهي ترفل برفقة الكتاب، وكأنما هي أيقونة تمضي بحلة المعنى، ودلالة الوعي الذاهب بالحياة إلى أبهة الإدراك لمعنى الكلمة التي هي البداية لبروز الفكرة، وهي الوعاء الحامل لتطلعات الإنسان في بناء عشه على أغصان شجرة الوجود، وعندما تعتني الشارقة بالكتاب، فإنها توسع الإدراك نحو الفن، وما الفن في جوهره إلا الإنتاج الحر للجمال، كما ذكر كانط.


هذا السعي الحثيث لصياغة واقع ثقافي، وبناء الأحلام الزاهية، هو في حد ذاته اليقظة التي تدفع بالعقل كي يسكن الوجود، ويندمج مع الموجودات، في تناغم ديناميكي تزهر على أثره بساتين الوعي، وتعشب حقول الحياة، وتتفرع أشجار السعادة، لأنه ما من وعي إلا ويتبعه ازدهار في النفس، وما من تدفق في القريحة إلا نتيجة مباشرة، لضلوع الكتاب في الورطة اللذيذة.


ويقف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عند مشارف هذا الجهد، وفي قلب الحدث الثقافي، راعياً، وداعماً، ومعززاً لتكريس الإبداع بكل صنوفه، ونعوته، كغرس يبعث على الشرف الرفيع، ويملأ وجدان الكلمة، برشفات من نهر العطاء المستمر، والدؤوب، لأجل أن تظل المسافة بيننا، والحياة مثل المسافة بين الرمش والرمش، لأجل أن نطل على العالم بقلوب ملؤها وميض الحب، وشعاع الحلم يغسل جباهنا، ويمنع أخاديد الاكفهرار من أن تغزو لغة تواصلنا مع الآخر.
هذه هي الشارقة، في المكان خيط الرهافة، وفي التاريخ جملة المعنى المنيف، وهي تخطو باتجاه الأفق كأنها خيوط الشمس، كأنها لهفة النجمة إلى النطق بحقيقة الوجود كأنها عشق الموجة للسواحل، كأنها مداد الكلمة يمتد في المدى، نسقاً معرفياً يدنو من السماء فيضيء وشاحها، يدنو من الشمس، فيملأها دفئاً، يدنو من وجدان الناس فيمنحه الطمأنينة، يدنو من الكتاب، فيكرسه مكانة، ورزانة، وأمانة.


الشارقة في حضرة الكتاب تذهب إلى المستقبل مفعمة بالروح الشفيفة، منطلقة بأجنحة الطير نحو الغاية، والهدف الأسمى، مكتنزة بأشواق الغيمة إلى لمح البرق.
الشارقة اليوم تتبوأ النجود لتطل على سهول الكلمة، بالنون والقلم، وسعي الفراشات إلى خير النعم، ونطل نحن على بصمة التاريخ والشارقة حبرها، وخبرها، وسبرها، ودهرها.

&