&عبدالحق عزوزي

&سعدت أيما سعادة بحضور أشغال الندوة الفكرية البهيجة في موضوع «الشيخ زايد ودوره في بناء العلاقات المغربية الإماراتية» التي نظمتها أكاديمية المملكة المغربية‏ منذ أيام. وتميزت الجلسة الافتتاحية بالرسالة التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس للمشاركين في الندوة، والتي تلاها صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد. وكما أوضح جلالة الملك محمد السادس، فقد كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قائداً عربياً كبيراً تحلى بالحكمة والبصيرة وساهم في ترسيخ أواصر الأخوة بين المغرب والإمارات، كما كان له دور أساسي في توطيد الوحدة والتضامن بين الدول العربية. وقال جلالته إن الذكرى المئوية لميلاد الشيخ زايد «جديرة بأن يخلِّدها البلدان الشقيقان، المغرب والإمارات، لما يجمع بينهما من علاقات تاريخية، وضع أسسها المتينةَ الملكُ الحسن الثاني والشيخُ زايد رحمهما الله‏». وأضاف قائلاً إن «المغرب، ملكاً وشعباً، يحتفظ بأصدق مشاعر التقدير لهذا القائد الجليل، ولأسرته الأميرية الكريمة، التي ظلت وفيةً لما يجمعها بأسرتنا الملكية وبالمغرب، من عهود الأخوة والوفاء» ، مؤكداً تطلعه لمواصلة العمل المشترك بين قيادة البلدين.&


وكانت تدخلات المشاركين تعبيراً صادقاً عن عميق الوفاء لعَلَم من أعلام الأمة العربية والإسلامية، نذر حياته لبناء الإنسان، وتشييد العمران وتحصين وحدة البلدان، وتعايش المجتمعات والأديان..


وأستحضر هنا ما كتبه المرحوم عبدالهادي التازي، المؤرخ والأكاديمي المغربي، الذي كان يحمل رسالة من الملك الحسن الثاني إلى الشيخ زايد: «سألني الشيخ زايد وأنا أتحدث إليه عن المغرب وتقاليده وعاداته ومذهبه في الفقه الإسلامي: هل يهوي المغاربة القنص بالصقور؟ ولشد ما كان استغرابه حين أجبته بأن القنص بالصقور معروف في التاريخ المغربي حتى قبل بلوغ الإسلام المغرب، وأن في إقليم الجديدة بالمغرب قبيلة تدعى القواسم اشتهرت بهواية القنص بالصقور، فابتسم وقال: سيكون لنا اتصال بهم، فعرفت أنه من كبار هواة الصقور..». إلى أن يقول التازي: «الذي أسجله باعتزاز كبير أن الشيخ زايد، رحمه الله، رحب كثيراً بالدعوة التي وجهها إليه الملك الحسن الثاني، وقال لي: لا تغادر ديارنا إلا بعد أن أحدد لك موعداً. لا أنسى أبداً المبادرة التي أعتز بها وبذكرها حين قرر الشيخ زايد، على الرغم من الدعوات الموجهة إليه حينئذ من دول أخرى، أن تكون وجهته الخارجية الأولى بعد ترؤسه الاتحاد هي المملكة المغربية. لقد عكست هذه الالتفاتة، التي خص بها المملكة المغربية، رؤيته لها كدولة أساسية. ورغم أن زيارته الأولى كانت قصيرة، فإنها عبرت عن تلاحم قوي.. غادر الشيخ زايد المغربَ مفتوناً بمباهجه ومنجزاته وأهله. كان الملك الحسن الثاني يتحدث إلى خلصائه والمقربين إليه بأن الشيخ زايد قائد عربي كبير ومتبصر، وأنه شعر في أثناء الحديث إليه بأنه فعلاً أمام شيخ كبير من شيوخ العرب.. لقد أصبح ذلك اللقاء حجراً مفصلياً في العلاقات الثنائية بين القائدين وبين البلدين».&


إن الأسس القوية للعلاقات الثنائية بين البلدين تتمثل في مبادئ صلبة لا يمكن أن ينال منها الزمن، وهي قائمة على أصول لا تحور ولا تحول، وجلالة الملك محمد السادس مع أشقائه في الإمارات، وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ولي عهد أبوظبي، نَّموا هذه العلاقة المتجذرة بنور جديد ويقين وهاج واستراتيجية لا يعلى عليها، وتشهد لذلك الزياراتُ المتبادلةُ والاتفاقياتُ المبرمةُ، وهي بمنزلة عقود شريفة بين بلدين شقيقين، كما يشهد له التجاوبُ العفويُ بين شعبي البلدين من مفكرين وأكاديميين ومؤرخين وتجار وأشخاص عاديين.. فكلهم مفعمون بالأصالة والمعاصرة، أصالة العقيدة المبنية على المذهب المالكي الوسطي المعتدل وأصالة الالتزام وأصالة المناهج.

&