نايف معلا&

لم تكد تلامس طائرة الأمير محمد بن سلمان والوفد المرافق له أرض مطار مينيسترو بيستاريني للمشاركة في قمة مجموعة العشرين (G20) المنعقدة في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، حتى اتجهت إليه الأضواء بمختلف ألوانها. ومن حينها، وهي ملازمة له لا تكاد تفارقه، فحق أن يُقال: إنه «مالي الدنيا وشاغل الناس».


زعم الناقمون والنائحون المستأجرون أن الأمير محمد بن سلمان لن يستطيع المشاركة في قمة مجموعة العشرين، بحجج واهية منها وجود اضطرابات داخلية، والخوف من الملاحقة القضائية الدولية، وغير ذلك من المزاعم التي تدخل في باب الأماني (تلك أمانيّهم)، ولكنهم سرعان ما أدركوا سوء تقديرهم عندما أيقنوا بأنه ممثل السعودية في هذه القمة، فتداركوا ذلك بمحاولات بائسة! كتنفير زعماء الدول من مصافحته والتصوير معه فضلاً عن لقائه، واستئجار أشخاص للتظاهر ضد مشاركته، وزادت هيومن رايتس ووتش بؤس تلك المحاولات بؤساً، بتقديم مذكرة للقضاء الأرجنتيني تطالب فيها برفع الحصانة عنه ومقاضاته! في سابقة أشبه ما تكون بالعبث بقواعد القانون الدولي والأعراف الدولية، ولا يُستغرب ذلك من منظمةٍ تدّعي بأنها تُعنى بحقوق الإنسان، وهي في الواقع مؤسسة علاقات عامة.

حاولوا محاولاتهم وسعوا سعيهم، ولكن ما الذي حدث؟! شارك ولي العهد ممثلاً للسعودية بثقلها السياسي والاقتصادي والثقافي، وتسابق زعماء الدول إلى لقائهِ، والتباحث معه بشأن تعزيز علاقات بلدانهم مع السعودية، باعثين بذلك رسالة قوية وصادمةً في الوقت ذاته، للناقمين والمغرر بهم، مفادها: أن السعودية دولة ذات سيادة وريادة على الساحة الدولية، وليست «دويلةً» يمكن الاستغناء عنها في أي وقت، وهذا ما جعل لمشاركة ولي العهد في قمة العشرين مذاق خاص لدينا كسعوديين، ولدى كل منصف يدرك تماماً أن هذه الهجمات المسعورة المغلفة بشعارات العدالة والمساواة والحرية وغيرها من شعارات حقوق الإنسان الجاذبة، تهدف إلى إصابة أمن واستقرار السعودية في الصميم مدفوعةً نحو ذلك بدوافع ايديولوجية وسياسية وانتقامية بعيد كل البعد عن حقوق الإنسان.

&خلاصة القول، السعودية دولةٌ لها من التأثير ما يجعل دول العالم تهتم جيداً بعلاقاتها معها، والتفكير ملياً قبل اتخاذ أي موقفٍ تجاهها، ومن المفارقات العجيبة في هذا السياق، أن الدول التي اتخذت مواقف سلبية تجاه السعودية بدافع القيم الإنسانية والأخلاقية ونحوها على حد زعمها، دولٌ تغلّب المصالح على تلك القيم، بخلاف السعودية التي تغلب الجانب القيمي على الجانب المصلحي، وهذا ليس كلاماً مرسلاً بل تسنده شواهد واقعية، منها على سبيل الذكر: موقفها الداعم والدائم للقضية الفلسطينية والذي كاد في عصرٍ خلا أن يتسبب في تقويض أمنها واستقرارها، وموقفها الذي لا ينسى مع الكويت الشقيقة إبان الغزو العراقي لها على يد صدام حسين ورفاقه البعثيين في أغسطس 1990 ما أسهم في تأخير عجلة التنمية في السعودية، وكذلك احتضانها للملايين من السوريين واليمنيين والميانماريين الأمر الذي شكل عبئاً على اقتصادها، وغير ذلك من المواقف التي تثبت أن القيم لدى السعودية مقدمة على المصالح.

أما الأمير محمد بن سلمان فما على المُنصفِ إلا أن يقارن بين سعودية الأمس القريب وسعودية اليوم، عندها سيخلص إلى أنه قائد الملحمة والنهضة، وأن كل هذا الهجوم الموجه ضده مردّه أنه قال بـ «فعلهِ» لا بد لبلادنا أن تنهض وتحتل مكانها الذي تستحقه في مقدمة الأمم!