& حمود أبو طالب

سوابق الحوثيين لا تجعلنا نعتقد أن انخراطهم في بداية عملية سلمية وحل سياسي لكارثة اليمن يعود إلى وازع العقل والضمير والوطنية والحس الإنساني بمعاناة الشعب اليمني، وإنما لسببين رئيسيين هما الضغط العسكري الشديد من قوى الجيش اليمني الوطني مدعوماً بتحالف دعم الشرعية، ولأنهم -وربما هذا السبب الأهم- ضمنوا تحولهم من ميليشيا خارجة على الشرعية والقانون كما كان يتم تصنيفهم إلى فصيل سياسي معترف به دوليا، وهذا مكسب كبير يمثل الخطة B بالنسبة لهم، فإذا لم يتحقق لهم حكم اليمن بالسيطرة الكاملة عليه فلا بأس في أن يكونوا الطرف الثاني الوحيد في المعادلة السياسية اليمنية المستقبلية، ولذلك كان من صالحهم الموافقة على مفاهمات السويد ليظهروا أمام العالم كمكوّن سياسي مهم يحرص على السلام في اليمن وليحصدوا في نفس الوقت مكاسب سياسية كبيرة.

ورغم كل شيء فإن أي بارقة أمل لإنقاذ اليمنيين كما حدث في السويد لا بد من الترحيب والاستبشار بها لأن الذين يسمعون ويشاهدون ما يحدث في اليمن لا يستطيعون أبداً أن يشعروا بما يشعر به اليمني الذي يعيش عذابات مهولة تحت نيران آلة الحرب والمجاعة والمرض وفقدان الأمن، ولكي يستطيع اليمني أن يستبشر فإنه على رعاة الحل ألا يستمروا في تجزئته كثيراً كما بدت ملامح ذلك في الجولة الأولى التي ركزت على الحديدة ومينائها، وطرحت مشروعا لاحقا يختص بمدينة تعز، وأجلت صنعاء وبقية الملفات الأهم إلى أجل غير مسمى. التجزئة الكثيرة نتيجتها تفتيت الأمل في سلم شامل لليمن وإتاحة المجال لمناورات حوثية مستمرة واحتمالات أكبر لخرق الهدنات وعودة المواجهات التي لا يدفع ثمنها سوى المواطن اليمني المغلوب على أمره وليس الذين سافروا إلى السويد بالطائرات الخاصة وجربوا فخامة الإقامة في قصر ملكي وتفاوضوا في قاعات باذخة تنعم بالتدفئة بينما اليمني يعيش شتاءً قاسياً تحت أنقاض الدمار.

&

&