&&إبراهيم بهبهاني&&

مع بداية السنة الجديدة سيدخل مجلس التعاون الخليجي سنته الثَّامِنَةِ والثلاثين، يعني بلغ من العمر عتياً وتجاوز مرحلة الشباب والمراهقة وبات الْيَوْمَ من الكيانات التي يحسب لها ألف حساب.
وفي الخطابات الإعلامية والسياسية ترسخت فكرة مجلس التعاون والنظر إليه ككتلة واحدة ومن مختلف الزوايا.


وهذا النجاح والاستقرارية لم يكونا ليحدثا لولا وجود قادة لديهم رؤية إستراتيجية وخلفهم شعوب تعزف لحناً واحداً تحت سماء الخليج العربي.
وطوال الثمانية والثلاثين عاماً تحولت هذه البقعة الجغرافية إلى حدود مفتوحة وصار بإمكان أي مواطن خليجي التنقل بين دولة وأُخْرَى متى شاء ومن دون حواجز وكذلك ممارسة التجارة، وأن يمتلك بيتاً أو يؤسس عملاً جديداً له، يعني نحن نتحدث عن مساحة جغرافية شاسعة وسكان تربطهم ثقافة ولغة وعادات مشتركة، يعيشون تحت سقف مشترك ولن نقول واحداً.
وفي تاريخ الكيانات السياسية تحصل هزات واختلافات بالرؤى، لكن تبقى قنوات للتفاهم يمكن احتواؤها والتغلب عليها، وعندما تعرضنا للغزو الهمجي من قبل جار ظالم وحاكم أَرْعَن عام 1990 عرفنا ماذا يعني مجلس التعاون، وكيف كنّا محتضنين لدى كل مواطن خليجي، ولم نشعر أننا خارج ديرتنا.
صحيح أننا فقدنا الأَرْض وهي أعز ما نملك لكننا لم نفقد كرامتنا، بل كنّا نمارس حياتنا كأننا لم نغادر الأرض.
لا ننكر أن أخطر أزمة ضربت مجلس التعاون هي التي وقعت بين عدد من الأعضاء وأحدثت شرخاً وألماً كبيرين كادت أن تعصف بهذا الكيان لولا حكمة صاحب السُّمُوّ الأَمير الشيخ صباح، والمبادرة التي أقدم عليها، وأنه لا خلاص لنا إلا أن نكون موحدين.
ومنذ الْيَوْمَ الأول للخلاف كانت سياسة الكويت التي رسمها صاحبُ السُّمُوّ -حفظه اللَّه وأعطاه الصحة والعافية- أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، وأنه لا بد من إعادة اللحمة مهما طال الزمن، والكل يعرف ويتابع كيف خرجت أصوات زرعت العداوة وتطاولت على المقامات وهو أُسلوب لم نعهده أبداً في المخاطبة. وبالرغم من ذلك بقيت الكويت صامدة ومؤمنة بموقفها وبالدفاع المستميت عن هذا المجلس دون كلل أو ملل.


وفي مؤتمر القمة الأخير في الرياض كان صدى موقف الكويت واضحاً ومعظم المشاركين أدركوا أن هذه الخيمة الخليجية التي تجمعنا لا مناص من إعادة إحيائها والسير بها إلى الأمام، وهذا يحسب لسموه ولحرصه على وحدة هذا الكيان، وليس كما يروج البعض من هنا أو هناك بالقول إنه لم تعد هناك حاجة لمجلس التعاون، وأظن أن من يقول هذا الرأي هو كمن يذهب إلى السقوط في قاع البئر دون أن يدرك عواقب هذا القرار.
نقولها وبملء الإرادة لَولا موقف صاحب السُّمُوّ لما بقي مجلس التعاون، لذلك مثلما خرجت الفكرة من الكويت ونحن على أبواب الثمانينات ستبقى الكويت وفية وحاضنة لهذا الكيان الذي نستظل به جميعاً فلا تفرطوا به فهو سياجنا وهويتنا ومصيرنا.

&