&بينة الملحم

&في علم الاجتماع السياسي والذي يدرس&العلاقة بين&السياسة&والواقع الاجتماعي ويعدّ الحاوي للأحداث والقرارات السياسية وتأثير الأحداث السياسية على البنية الاجتماعية والعكس، يعدّ&التحدي والرهان الاجتماعي هو أكبر مؤثر في عملية التغيير المجتمعية.

فمعلوم أن لكل مجتمع حضارته وثقافته، وتراثه المادي والروحي؛ وحتى يستطيع أي مجتمع مسايرة العصر والسير في ركابه، عليه أن يعيش ويتعايش مع ظروف الزمان والمكان من خلال: نحت الماضي من أجل غربلته وتنقيته من الشوائب التي علقت به، ثم الأخذ بالأصل الذي يتوافق أو يمكن تطويره وتعديله بما يتوافق مع ظروف الحاضر، والنظر إلى الحاضر كحلقة وصل بين الماضي والمستقبل.

من أكثر الفعاليات التي شغلت المجتمع وجاءت برهاناً على التغيّر في الفكر المجتمعي هو حدث فورمولا الدرعية الذي أقيم مؤخراً في قلب الرياض وما شهدناه من حجم التفاعل المجتمعي مع الحدث وبصورة غير مسبوقة -ربما- حتى مع فعاليات مشابهة في بعض الدول ولدى المشاركين المنبهرين من الضيوف أنفسهم.

بلا شك أن مثل هذا المشهد وهذه التجربة سيساعدنا على فهم الواقع المعاش والإرادة المجتمعية وبموضوعية تامة وذلك لاعتبارات ثلاثة.

يتعلق الاعتبار الأول بادراك التغير من منطق الثنائية، الأول شكل تقليدي يرفض التغيير، بينما المجتمع الحديث وأصحاب الرؤية المستقبلية النموذج الثاني الذي تسعى إليه&الإرادة السياسية من التحديث من خلال التغير الإيجابي، والمسافة بين الاثنين بلا شك كانت قلقة متوترة، يعيش فيها بناء المجتمع حالة من عدم التوسط فإما مع أو ضد.

أما الاعتبار الثالث فيتعلق بتصور مضمون التفاعل الثقافي، فرغم تأكيد العلماء الوظيفيين أنه إذا تقابلت سمات أو عناصر ثقافية متباينة أو متضادة، وتفاعلت حول محور واحد، فإن الانتصار سوف يكون بالتأكيد من نصيب العنصر الذي يمتلك كفاءة وظيفية أعلى! وأعتقد أن هذا الاعتبار الأخير كان يمثل في زمن ولّى الخطأ الحقيقي بسبب ما يكمن وراءه من أيديولوجية كانت تعمل على سيطرة الغالب على المغلوب ومن مثل هناك اُفتعلت حلبة الصراع والتي لم يكن يقع ضحية فيها سوى المجتمع والوطن.

لم تكن معاناة الوطن من ويلات وهجمات الإرهاب بأقل من ويلات ومعاناة المجتمع السعودي من دعاة إذكاء روح الفتنة بين أفراده؛&وذلك باجترار أحداث حقيقية أو تزييفها وافتعالها واستغلالها لخدمة أجندة مشاريعهم. فكانت فنون&الاحتراب الفكري هي لعبتهم التي يجيدونها جيداً في أن تجعل من السخط المجتمعي ضد من يخالفهم.

بلا شك لن نتخلى عن موروثنا وقيمنا الأصيلة في ذات الوقت يستحيل علينا&أن نأسر أنفسنا ومجتمعنا في أسوار الماضي كما كان فلكل زمن ينشد المستقبل رؤية ولا رؤية دون تغيير.