علي سعد الموسى

في صالون حواري خاص مساء ما قبل البارحة يسألني زميلي الأستاذ الجامعي: هل تعتقد أن للسعودية دورا في القرار الأميركي الشجاع بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران؟ والجواب المباشر، نعم، وتحكيه بالضبط أحداث العام الأخير في قراءة المواقف الأميركية. قبل ما يقرب من عام مضى اكتفى الرئيس الأميركي بالامتناع عن التوقيع على التمديد للاتفاق وأحال الملف كاملاً إلى الكونجرس، وكأنه يقول سأترك الرفض أو القبول للمجالس التشريعية في الكابيتول.

صحيح أن ترمب وعد بالانسحاب من الاتفاق في حملته الانتخابية، لكن الصحيح أيضاً أنه ترك الحسم عائماً على الطاولة عكس ما فعل تماما بالانسحاب السريع من اتفاقية باريس للمناخ واتفاقية (نافتا) للتجارة الحرة، من يقرأ تسلسل ذات القصة ووصولها إلى هذا القرار الأميركي التاريخي سيعرف تماما أن الزيارة الأسطورية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الربيع الماضي هي من أوصلت الموقف الرئاسي الأميركي إلى حافة الهاوية في اتخاذ القرار. ولي العهد السعودي، ومن الواضح، أنه حمل معه إلى واشنطن ملفين لا ثالث لهما: الأول ملف إيران النووي وهو يأتي مع سموه أولاً وأولاً وأولاً، لأنه يدرك أن تركيع الملالي لن يكون بمجرد صد صواريخ التنك أو هزيمة ميليشيا تستطيع السعودية محوها في ظرف أيام لولا العوامل الإنسانية، بقدر ما تكون الصفعة السعودية لإيران أن تنهار اقتصاديا بفضل عقوبات الأخطبوط الأميركي، وسأكون واضحاً إن قلت إن ولي العهد السعودي أعاد (اللوبي) السعودي إلى كامل قوته ونفوذه في دوائر واشنطن المختلفة وهو اليوم، وبكل فخر، أقوى حتى من اللوبي الصهيوني بعد أن كان، وللأسف، يترنح خلف اللوبي الإيراني الذي ازداد شراسة في عهد أوباما. بعد زيارة ولي العهد السعودي لواشنطن ذهب ماكرون وميركل وتيريزا ماي إلى الضغط على البيت الأبيض إما بالزيارة أو المحادثات وجميعهم يحاولون ثني الرئيس الأميركي عن الانسحاب، ومع هذا رجح صوت الرياض في إقناع المكتب البيضاوي، هذه هي الهزيمة الكبرى في معركة طويلة مع الملالي، وعلى مسؤوليتي اتضحت فيها معالم النهاية.