زاهي حواس

 استطعنا من خلال البحث بوادي الملوك الغربي - وقبل أن نبدأ حفائر أول بعثة مصرية بالوادي - أن نسجل ملاحظات وقراءات مهمة حول هذا الوادي الذي أهمله علماء المصريات؛ بعد أن ركزوا أعمالهم بالوادي الشرقي؛ وهو المكان الذي عثر فيه المكتشف الإنجليزي هيوارد كارتر على مقبرة الملك «توت عنخ آمون» في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1922. وكانت أولى الملاحظات هي العثور على المخربشات القديمة أو كما يطلق عليها الباحثون «الغرافيتي»، التي تعبر عن نشاط العمال وكذلك الرحالة والزوار للمكان في العصور الفرعونية. وقد عثرنا على كثير من هذه المخربشات وبعضها سجلها علماء المصريات من قبل؛ وأغلب ما عثر عليه من الكتابات الصخرية كان في الفرع الجنوبي الأيسر من نهاية الوادي الغربي.

وقد عثر على علامات وأشكال هندسية ضمن هذه المخربشات، التي لم يستدل لها على معنى في اللغة المصرية القديمة وقد تكون علامات للنحاتين لتحديد مكان الحفر أو قد تكون علامات قام برسمها العمال العاديون الذين يجهلون القراءة والكتابة لتحديد مكان الحفر أو مكان المقبرة نفسها، وذلك من خلال الإشارة بالرسم فوقها مباشرة! ويوجد بالوادي الضيق الغربي نص غرافيتي لشخص يدعى «چحوتي مس»، وكان يشغل منصب «الكاتب الملكي» ولا نعرف أي فترة زمنية ينتمي إليها ولكن من المحتمل أنه عاش في الفترة ما بين الملك «رمسيس السادس» و«رمسيس الحادي عشر»، وقد يكون الملك قد أرسله ليقوم بالإشراف أو التأمين على المقابر التي تعرضت لهجوم اللصوص وسرقة محتوياتها! ويبقى هنا سؤال: لماذا هذا الشخص بالذات؟ وما هو عمله؟ وأعتقد أن إجابة هذا السؤال سوف نعرفها بعد أن نقوم بالحفائر بالوادي. وهي فرصة ممتازة للكشف أيضاً عن مقابر غير معروفة بالوادي!
لقد لاحظنا أيضاً أثناء أعمال دراسة الوادي المثير، وقبل بدء الحفائر، أن أماكن المقابر الملكية تكون بعيدة عن مخرات السيول ومجراها وبذلك تكون محمية من خطرها.
وساعدتنا تلك الملاحظة كثيراً في تحديد المواقع التي بدأنا فيها الحفائر وعثرنا أيضاً على كثير من الكتل الحجرية التي كان يستعملها العمال بناة المقابر كمطارق في عملية الحفر والتي هي منتشرة في المكان بكثرة. كذلك استطعنا تجميع كل هذه الكتل الحجرية لدراستها وتحديد استعمالاتها للحفر عن المقابر بالوادي. 
وقد عثرنا أيضاً على كثير من المساكن التي يعتقد أنها كانت منازل للعمال يعيشون فيها أثناء حفر المقابر؛ ولكن وجدنا أن هذه الحجرات كبيرة، مقارنة بمساكن العمال في الوادي الشرقي، بالإضافة إلى أننا وجدنا أن عمال دير المدينة يأتون للعمل وينصرفون آخر يوم في العمل أسبوعياً؛ لذلك فإن هذه الحجرات كانت تستعمل كمكان لجلوس رؤساء العمال أثناء العمل وتستعمل للحراسة ليلاً... وقد عثرنا أيضاً على كثير من كميات الفخار التي يعود أغلبها إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة، وهناك بعض الفخار الذي يعود إلى الأسرة العشرين.
هذا بالإضافة إلى أن دراسة طبيعة صخور الجبل والشروخ التي توجد به، والتي تظهر لنا أن المصري القديم كان يحفر مقابره عكس هذه الشروخ، فإذا كانت الشروخ عرضية فيتم حفر المقبرة، أما إذا كانت طولية فلا يتم حفر المقبرة في هذا المكان... ولذلك فقد راعينا كل هذه الملاحظات قبل أن تبدأ أول بعثة مصرية للعمل في وادي الملوك.