& خالد أحمد الطراح&

ثمة مقولة شهيرة للمؤرخ البريطاني ارنولد توينبي Aronold Toynbee ان «الحضارات لا تباد قتلاً وإنما انتحاراً». بينما الحال المتواضع في بلدان نامية او تحت النمو تحتضر سنويا واقل من ذلك بسبب سياسات حكومية وبتعاون او تهاون بتعبير ادق من قبل السلطة التشريعية (البرلمان)، خصوصا حين تكون يد الحكومة مهيمنة بشكل مباشر او غير مباشر على البرلمان او بعض ممثلي الامة حين يصبحون الاغلبية كالظاهرة الصوتية ذوي الصراخ العالي العلني وربما الخنوع عندما يأتي وقت القرار، كما يقول المثل «ارى جعجعة ولا ارى طحنا»!
اختلطت المعاني والتفاسير في الميادين السياسية والقانونية، ليس في الآونة الاخيرة على الصعيد البرلماني الكويتي، وإنما منذ سنوات، فقد تمكنت القوى الموالية للحكومة من التوغل والتدخل في الانتخابات واختراق الصفوف حتى في ظل الانظمة الانتخابية المختلفة، وهذا لا يعني عدم دخول الادارات الحكومية حلبة السباق المحموم نحو هذا الخلط المتعمد نتيجة فوضى غير خلاقة تستهدف الدفع بالشتات الشعبي والفرقة في المجتمع، ولدينا في ذلك العديد من الامثلة الصارخة التي تقيدنا من الاسهاب في تقديم الامثلة، خصوصا في ظل قوانين تقيد حريات الرأي والتعبير والاعتقاد بعكس متناقض لمواد الدستور ومذكرته التفسيرية وبعلم السلطتين التشريعية والتنفيذية!


اخيرا، ودعت الحكومة بعد التعديل الوزاري الاخير عام 2018 بتصريح منسوب «لمصادر حكومية» استثمرته مهنيا القبس في مانشيت على صدر صفحتها الاولى في 28 ديسمبر 2018 -العدد 16371، بالخط العريض «حذار خلط السياسة بالقضاء».
حتى في الدفاع عن السلطة القضائية وليس سياسات حكومية غالبا ما تغلب عليها طبيعة الاجتهاد الفردي ذات الافق الضيق، وجدت الحكومة عبر اكثر من مصدر مسؤول كما ورد في خبر القبس سالف الذكر الدفاع على خجل عن السلطة القضائية حتى في حال تعدد الآراء القانونية حول حكم المحكمة الدستورية الاخير بخصوص احدى المواد اللائحية فقد كان من الممكن التصريح الرسمي على لسان وزير العدل ووزير الدولة لشؤون مجلس الامة او وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء او حتى وزير الاعلام وهو النائب المحلل بموجب الدستور!
كل هؤلاء الوزراء لم ينبرِ احدهم في الدفاع عن السلطة القضائية، بينما هناك بعض النواب واكرر البعض وليس الكل او الغالبية في التعبير عن الرأي بحصافة قانونية حول حكم المحكمة الدستورية وما يتعلق بالمادة اللائحية الـ16.


نحن امام وضع يدعو الى الشفقة على الشعب والنظام الدستوري ونضال الآباء والأجداد، كما حصل مع المناضل والإنسان الدكتور احمد الخطيب حين لجأ الى مناجاة رفيق الدرب الشيخ عبدالله السالم، الامير الراحل، بسبب ما آلت اليه الاوضاع السياسية في السنوات الاخيرة!
الدكتور احمد الخطيب – اطال الله في عمره ومده بالصحة والعافية – لجأ الى مناجاة رفيق الدرب الشيخ عبدالله السالم وهو بعمر متقدم وليس من جيل من هم مؤتمنون اليوم على مصلحة الشعب من قبل الحكومة والشعب (البرلمان) ايضا وهو ما يجعلنا نلتزم الصمت، فالبوح بالعلن قد يقود الى تعقيدات قانونية، ويجعلنا اكثر خوفا على جيل من الابناء والأحفاد الذين يستمدون الامل من نظراتنا وربما من بعض السطور التي يقرأونها في العلن، بينما الصدور، أي صدورنا جميعا، مثقلة بهموم وتساؤلات تكتنفها الخشية والفزع من مستقبل قد ينتزع منا جميعا بريق الامل، بينما هناك من يفرح ويمرح يمينا وشمالا على وضع مؤسف ومحزن للغاية الى درجة انعدام المشاعر عند البعض، بل فرحتهم وشماتتهم العلنية في شخصيات وطنية وشباب قدموا مصلحة البلد على مصالحهم، وهي ليست من اخلاق اهل الكويت ولا العمل الوطني بصورة عامة!
الكويت وطن جميل بشعبه ونظامه، ولكن هناك من يتربص له من حين الى آخر بعبثية سياسية متعمدة تهدف الى اغتيال حلم جيل المؤسسيين للدولة وأجيال اليوم والمستقبل!
الحرية والعدالة والديموقراطية مبادئ دستورية غير قابلة للقسمة أو التجزئة، ولكنها مبادئ قد توأد بعلانية!

&