تعطي العلاقات القوية بين المملكة والإمارات مثالا يحتذى على الساحتين الإقليمية والعالمية. كما أنها توفر الأدوات اللازمة لتحقيق الأهداف التي تصب بالنهاية في مصلحة كلا الطرفين. وهذه العلاقات ليست وليدة الأمس بالطبع، لكنها أخذت شكلا استراتيجيا محوريا منتجا عالي الجودة من خلال التناغم السياسي والاقتصادي الذي يجمع الرياض بأبوظبي. يضاف إلى ذلك التوافق المحكم بينهما في كل القضايا التي تهم البلدين والمنطقة والعالم. ومن هنا، أخذت "استراتيجية العزم" بين السعودية والإمارات أهميتها، واستمدت قوتها من خلال حرص قيادتي البلدين على استكمالها، وتحقيق الأهداف التي وضعت ضمن نطاقها. إنها استراتيجية متفاعلة لا تتوقف عند حدود معينة، مع وجود سلسلة من المشاريع المحورية تتعلق بالحراك الاقتصادي التنموي، فضلا عن المستجدات التي تظهر على الساحة بين الحين والآخر.


ويمكن النظر إلى الاجتماع الثاني لـ"لمجلس التنسيق السعودي - الإماراتي في أبوظبي، أنه مناسبة أخرى جديدة لتحقيق النتائج المرجوة في كلا البلدين. وهو كذلك بفعل ما طرح في هذا الاجتماع من مشاريع، وتم الاتفاق على عدد آخر منها، ترتبط جميعها بالتنمية والرخاء اللذين تستهدف حكومتا المملكة والإمارات الوصول إليهما، وتعزيزهما وترسيخهما لخدمة أجيال اليوم وتلك القادمة في المستقبل. الجوانب كثيرة، من الاقتصادي إلى المعرفي والبشري، والسياسي والأمني. وكلها - كما هو واضح من طبيعتها - تجعل من التعاون الاستراتيجي بين الطرفين، هدفا لكل الأطراف التي تسعى بصدق إلى بناء مستقبل رغيد لشعوبها. ولذلك، فليست هناك حدود في عملية التنفيذ الاستراتيجية للاستراتيجية "إن جاز القول"، كما أن أدوات التنفيذ نفسها متوافرة بما لا يترك مجالا لأي تأخير أو إعاقة.


ولأن الأمر يتعلق بكل شيء تقريبا، فقد تم الاتفاق على سبع مبادرات لتعزيز التكامل الاقتصادي بين السعودية والإمارات، وقبل ذلك، يتم العمل بأعلى درجة من النشاط من أجل القضاء على احتمال ظهور معوقات، على الرغم من أن شيئا من هذا لا يوجد على الساحة حاليا. وهذه المبادرات ما كانت لتطرح في هذا الوقت القصير لولا الجهود الموحدة التي تجمع الطرفين، وهي جهود تستهدف الجودة في الإنجاز بالدرجة الأولى. ومن هنا، يمكن النظر مثلا إلى الاتفاق حول الإطلاق التجريبي لمشروع العملة الافتراضية الإلكترونية. وهذا تحول مالي جديد يحاكي ما حصل على الساحة العالمية. كما أن هذا المشروع سيوفر للجانبين الأدوات الجديدة من تقنيات المستقبل. إنها خطوة لا تزال بعيدة حتى في البلدان الأكثر تقدما في الوقت الراهن.
المشاريع التي طرحت وتم الاتفاق عليها كثيرة بالفعل ومحورية بصورة كبيرة، من بينها اتفاق الاعتراف المتبادل لبرنامج المشغل الاقتصادي. وهذا مهم للغاية، لأنه يفتح الطريق أمام الانسياب اللازم للحركة في المنافذ الجمركية. ومن المبادرات اللافتة، تلك التي تختص بالوعي المالي لصغار المستثمرين السعوديين والإماراتيين، وهذه أيضا نقطة مهمة تدخل ضمن النسيج العام للحراك الاقتصادي الكامل في كلا البلدين. وهناك أمن الإمدادات بين المملكة والإمارات، ومبادرة "المسافرين من ذوي الهمم" إلى جانب كثير من المبادرات والمشاريع التي طرحت، وتلك التي ستطرح في المرحلة المقبلة. "مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي" يقوم بالفعل بمهمة تاريخية، ويلقى دعما كبيرا للغاية من قيادتي البلدين، وحماسا هائلا من قبل شعبيهما.