&نوفل البعمري

&صورة الملك وهو يستقبل موغريني بالقصر الملكي بعد أقل من 24 ساعة على توقيع تجديد الاتفاقية المتعلقة بالتبادل الفلاحي لخصت طبيعة العلاقة الحالية بين المغرب والاتحاد الأوروبي التي مرت بمنعرجات كادت تعصف بها منذ سنة 2016، عندما قام المغرب بنقطة نظام واضحة تجاه هذا الكيان الأوروبي بعدما أراد هذا الأخير، وبضغط من لوبيات سياسية واقتصادية أوروبية وجزائرية، تقويم دور المغرب وجعله مجرد دركي أوروبا في المنطقة، وهو ما جعله يرفع احتجاجا دبلوماسيا واضحا تجاه أوروبا، خاصة وأن الدبلوماسية المغربية كانت مؤطرة برؤية ملكية حددت المثلث المشكل لها "الوضوح، الحزم، الصراحة"، مما دفع المغرب إلى رفض أي نقاش مع الاتحاد الأوروبي خارج الدفاع عن المصالح الحيوية المشتركة بين البلدين، والحفاظ على الوحدة الوطنية للمغرب وعدم المساس بها، ومحاربة جماعية للإرهاب، واشتغال جماعي حول هجرة آمنة ومنظمة التي لخصها المؤتمر العالمي للهجرة بمراكش.

وهو الحوار الذي دفع فيه المغرب بكل ثقله التاريخي والدبلوماسي على قاعدة رابح-رابح، وانتهى بعد صمود دبلوماسي مغربي كبير بأن ننتهي إلى مراجعة شاملة للعلاقة بين الطرفين انتهت بتوقيع اتفاقية الصيد البحري والفلاحي، وهو التوقيع الذي جاء كذلك، بالإضافة إلى العناصر الواردة أعلاه، بفضل استراتيجية المغرب الجديدة وهي إدماج الساكنة المحلية ومنتخبيها في المفاوضات التي تمت، حيث اقتنع الاتحاد الأوروبي بأنه لا ممثل للساكنة المحلية سوى منتخبيها والمجتمع المدني.

كما أن الزيارات المتوالية التي قام بها وفد الاتحاد الأوروبي إلى الصحراء ولقاءاته المتكررة مع مختلف الفاعلين والنشطاء المحليين، بمن فيهم الجمعيات المساندة للأطروحة الانفصالية، انتهت بقناعة أوروبية بأن هؤلاء لا يشكلون أي شيء في الصحراء وألا مصداقية لهم على الصعيد المحلي وغير مؤهلين بسبب تبعيتهم للبوليساريو التنظيمية والسياسية للدفاع عن مصالح الساكنة مقارنة مع المنتخبين المحليين.

جدوى الاتفاقية تكمن في أنها لا تتعلق فقط بجوانب اقتصادية، بل من يطلع على رد فعل البوليساريو والجزائر سيتأكد أن تأثيرها الأكبر هو سياسي، لأن الأمر يتعلق بمن يتحدث ويفاوض على المنطقة وساكنتها، وبمن يمثلها ويمثل مصالحها السياسية والاقتصادية، الاتحاد الأوروبي انتهى إلى أن المغرب هو من يمثل الساكنة، وهو ما يعد انتصارا سياسيا للمغرب ملكا باعتباره قائد الدبلوماسية المغربية، ودبلوماسيين ممن قادوا المفاوضات، وأحزاب سياسية ومجتمع مدني ممن ساندوا مختلف خطوات المغرب في الملف.