& سالم حميد

استخدمت قطر كل جهودها ووسائلها الإعلامية الممولة ضد دول المقاطعة، ورغم ذلك لم تنجح في تبرير عبثها السياسي ودوافع انحيازها للإرهاب، وظلت تنتهج سلوكاً يتصف بانعدام الحكمة ويرتكز على التصرف بمنطق وكيل التنظيمات الإرهابية في المنطقة. إذ لم تلتزم بشروط ومتطلبات واقعية يقتضيها أمن الإقليم الذي تتموضع فيه جغرافياً واجتماعياً، بل سعت أكثر إلى تعميق الأزمة عبر المكابرة والعناد والتوغل في الكراهية والإصرار على التمسك بخيارات تزعزع الثقة بينها وبين دول الإقليم.
كما نقلت قطر الأزمة الراهنة من المستوى السياسي إلى الإصرار على القيام بدور حراسة التطرف والإرهاب واستمرار تدفق تمويلها للأذرع الإرهابية والجمعيات والكيانات المدرجة على لوائح الإرهاب. وفي المجال الإعلامي والدعائي استمرت الدوحة في دعم وتمويل منابر وقنوات تابعة لخلايا جماعة «الإخوان» الإرهابية، وتبادلت معها طباخة الأخبار الكيدية والإشاعات المغرضة. كما واصل إعلام الدوحة أساليبه الركيكة التي جعلته ينتقل إلى مرحلة الانحدار والإفلاس. فعندما نتأمل المحتوى الإعلامي القطري وأكاذيبه تجاه دول المقاطعة، نجده يلجأ إلى استخدام أساليب رخيصة، نتيجة عجز النظام القطري وانهيار أدواته الإعلامية وفشله التام في إقناع الجمهور بأن خيارات قطر السياسية تنتمي إلى سلوك الدول المعاصرة. وبدلاً من ذلك اتجه إعلاميو قطر إلى انتهاج الإسفاف والسخرية والتطاول على شخصيات خليجية قيادية، مع الترويج لوهم مقدرة قطر على البقاء خارج البيت الخليجي، وكل ذلك في سبيل الإبقاء على صلة قطر بالإرهاب وأدواته الإجرامية!


سلسلة فضائح الإعلام القطري وأكاذيبه لا تنتهي، فعندما يتهمون الآخرين بالتطبيع، يعجزون عن إخفاء حقيقة أن قطر وإعلامها وقنواتها كانوا أول من قاد التطبيع الإعلامي والاقتصادي منذ سنوات. ومن مؤشرات إفلاس الإعلام القطري كذلك أنه أصبح أداة لتلفيق الأخبار الكاذبة وإعادة اجترار التقارير الاستخباراتية التي تنشر في الإعلام التركي والقنوات الإخوانية، لتمهيد الطريق وتهيئة الرأي العام للقبول بالأطماع الإقليمية تحت غطاء إسلامي!
اختارت قطر أن تكون أداة لاختراق الأمن القومي العربي، وفتحت الأبواب أمام تطفل الدول الطامعة، التي كانت تبحث عن فرص للاختراق، وتبرعت بتوفير تلك الفرص بسهولة.
وبالعودة إلى جذور الأزمة التي تمادت فيها الدوحة ضد جيرانها، لا ننسى أن منبع الخلاف يتركز حول الممارسات القطرية المعادية للأمن القومي للخليج، من خلال الانحياز القطري المالي والسياسي والإعلامي لخدمة مجموعات وتنظيمات إرهابية متطرفة. واستمرت الدوحة تبذل أقصى ما لديها من جهود للتمسك بنهجها الخاطئ، فخسرت الشخصية الاعتبارية للدولة، وفضّلت أن تصبح شبه دولة تحمي وتمول وتخدم عصابات إرهابية وتوجهات تخريبية تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار شعوب المنطقة.


ومن أجل أن تواصل قطر سلوكها العدواني الخاطئ والمستهجن، تورطت إعلامياً في استهلاك جميع أوراقها وأكاذيبها، وانحدرت إلى مستوى من الركاكة والإفلاس غير المسبوق. فعندما نتابع أبواق قطر عبر مواقعها وكذلك عبر حسابات الأشخاص الذين نذروا أنفسهم للاصطفاف مع الدوحة وذيولها الإرهابية، نلمس كل يوم مدى هبوط مستوى الخطاب الإعلامي القطري، مع استمرار لعبة توزيع الأدوار بين الأبواق المختلفة، فهناك من تخصص في التطاول على مصر التي خذلت التنظيم الإرهابي الإخواني وجنبت الشعب المصري المصير المجهول في ما لو استمر مشروع أخونة مصر. لذلك خصصت قطر تمويلاً ومساحة في إعلامها للتطاول المتكرر على مصر، وكالعادة عبر مداخل سطحية تكشف مدى الحقد والضغينة لدى «الإخوان» وأبواقهم، انطلاقاً من رغبة إخوانية في الانتقام من شعب مصر الذي وقف ضد مشروع الجماعة الإرهابية.
كما نجد أن ملحقات قطر وأدواتها الإعلامية تتنقل في اليوم الواحد بخبث بين التطاول على مصر والسعودية والإمارات، وينشرون تغريدات هزيلة مدفوعة الثمن، يكشف محتواها البائس مدى الإحباط والانهيار لدى من يتولى توجيه الذباب الإلكتروني القطري.
وخلال شهور ومنعطفات الأزمة والمقاطعة، سقطت أوهام قطر وما تروج له عن السيادة والاستقلالية في القرار والنهج السياسي، وجاء السقوط على يد الممارسات القطرية الرسمية، لكن الإعلام القطري يتهرب من هذه الحقيقة. وكلما زاد حديث الدوحة عن السيادة واستقلال القرار، نجدها ترتمي أكثر في أحضان تركيا وإيران، لأن قطر منشغلة حصرياً بالتحديات التي تواجه مشروع تمكين جماعات الإسلام السياسي على حساب استقرار وأمن شعوب المنطقة.

&

&