& حسين شبكشي

& لا أعلم عدد المؤتمرات والمنتديات التي دعيت إليها طيلة حياتي، ولا عدد الدعوات التي تصل إليّ سنوياً. من كثرتها وتنوعها لم يعد من الممكن حصرها بالشكل الدقيق. فهناك مؤتمرات تعقد لأجل «العلاقات العامة» وأخرى تعقد تقليداً للآخرين. ولكن هناك مكاناً واحداً للتميز في صناعة المؤتمرات والمنتديات، وأعني هنا تحديداً دبي التي تسخر كل طاقتها ومواردها لإنجاح المناسبات التي تقام على أرضها. ولعل إحدى أهم المناسبات التي تقام فيها وأصبحت علامة فارقة ونوعية على مستوى المناسبات الشبيهة حول العالم هي: القمة العالمية للحكومات.

لقد تحولت هذه المناسبة إلى دورة مركزة جداً للأفكار الجديدة والمميزة، وأصبحت مسرحاً لعرض أهم التجارب الحكومية الإدارية الناجحة من حول العالم، كما صارت معملاً مخبرياً تعرض فيه أهم الأفكار المستقبلية التي تقدم حلولاً مبتكرة لمشكلات عصية تواجه الحكومات والشعوب، ويتم من خلالها استغلال عناصر التقنية والإدارة والمال والعلوم بشكل إيجابي ومدهش وفعال.
القمة تجذب بقوتها وحسن إدارتها أهم العقول والأسماء المميزة من مجالات ثرية ومميزة من حول العالم، لأجل غاية في منتهى البساطة، وهي تمكين الحكومات من إدارة نفسها بشكل أكثر فاعلية وأقوى تأثيراً لأجل توفير حياة أفضل لشعوبها، وهذه غاية تختصر آلاف الشعارات والكلمات الوعظية البراقة. وعندما تعقد القمة في مكان «حقق» و«أنجز» حكومة وأسلوب إدارة تحقق السعادة والعيش الآمن والكريم لكل من يعيش عليها، فهذا ما أنجزته حكومة دبي بشكل مميز واستثنائي.


في هذه الأيام، تستضيف دبي القمة العالمية للحكومات التي تحضرها مجموعة مهمة ومنتقاة من الساسة والاقتصاديين والأكاديميين والعلماء والإعلاميين لمدة أربعة أيام، تتحول فيها المناسبة إلى ورشة عمل كبرى، وحالة فريدة من العصف الذهني الخلاق والمبدع، كل ما يطرح فيها هو أفكار مبهرة تأتي من خارج الصندوق وخارج «المنطقة المريحة»، والمستفيد الأول من هذه المناسبة الفريدة هي دبي نفسها، لأنها دوماً ما تكون المكان الأول الذي يسارع لتطبيق الأفكار المقترحة مما يرسخ سمعة دبي كحكومة صديقة للعيش الكريم، وبالتالي يزيد من «قيمتها» في ذهن الناس وترسيخ قصة نجاحها بشكل أكثر عمقاً. صناعة المؤتمرات والمنتديات فن لا يتقنه إلا القليل، على الرغم من انتشار كثير من المقلدين.
هذه النوعية من المناسبات إذا لم تنعكس بالإيجاب المباشر والفعال على حياة الناس، وأسهمت في تحسين العلاقة بين الحكومات والشعوب أصبحت مجرد فرصة للاستعراض النظري وطرح صالح لحملات العلاقات العامة المدفوعة القيمة. شكل الحكومة سيتغير مستقبلاً وأدوارها سيعاد هيكلتها في ظل التطور العظيم والهائل للتقنية الحديثة ووسائل الاتصالات وأدوات التواصل وتنامي الشراكة والمهام المشتركة بين القطاع الخاص والقطاع العام. أيضاً لا يمكن إغفال معايير قياس جديدة ومستحدثة باتت هي عين الرقابة على التميز الحكومي في الأداء مثل الالتزام البيئي ورضا العملاء ومعيار السعادة، وغير ذلك من المستجدات.
الحكومات بشكلها التقليدي تعاد هيكلتها تماماً لتواكب المستجدات، والحكومات التي تدرك ذلك مبكراً وجيداً ستكون الأقدر على مواجهة التحديات بشكل استباقي وتخفف عن كاهلها إحباطات الشعوب منها.