&جميل الذيابي

واجه عضو مجلس العموم البريطاني غراهام جونز الأكاذيب التي تختلقها منظمات بريطانية عالمية تعنى بشؤون حقوق الإنسان والقضايا الإنسانية للحكومة البريطانية وعدد من الحكومات الصديقة للسعودية، ومزاعمها المستمرة بشأن الحرب في اليمن.

وتنبع أهمية شهادة جونز من كونه ينتمي إلى حزب العمال المعارض الذي يتزعمه جيريمي كوربن المتبنّي موقفاً معادياً للمملكة، والمتحالف مع أعدائها. وتكتسب شهادته وزناً أكبر بحكم توليه رئاسة اللجنة البرلمانية المكلفة بمراقبة تنفيذ الضوابط التي تفرضها بريطانيا على صادراتها الدفاعية.

شن جونز خلال مثوله أمام لجنة شؤون الدفاع في مجلس العموم أخيراً هجوماً قوياً على تلك المنظمات، التي قال إنها تبالغ «مبالغة فاحشة» في أرقام عدد القتلى من اليمنيين، مؤكداً أنه بعد التحقيق في خسائر تلك الغارات اتضح أن تقديرات تلك المنظمات «ليست صحيحة، بل موغلة في عدم الدِّقّة». وأضاف أن تلك المنظمات تنشر أخباراً بشكل مستمر تقوم على أدلة يتضح أنها «كاذبة».

وذكر تشخيصاً دقيقاً للحرب في اليمن بقوله لأعضاء لجنة شؤون الدفاع إن الحرب تقع مسؤوليتها على عاتق إيران، وليس الغرب، ولا السعودية. وعزز ذلك بقوله لصحيفة «الغارديان» البريطانية: إن «مشكلة اليمن ليست (التحالف العربي)، إنها مشكلة انهيار اقتصادي تسبب فيه عنف ميليشيا، غير قانونية، ومحتلة». وبالطبع عمدت «الغارديان» لتصدير تقريرها عن جونز بأن تلك التصريحات تضع حيادية الحارس الأول لبوابة نظام القيود على صادرات السلاح البريطاني في محل «تشكيك»، ليس لأن النائب العمالي ضد المواقف المعلنة لحزبه، ولكن لأنه فند الأكاذيب بالحقائق، وكان شجاعاً للغاية حين أبلغ صحيفة «الغارديان» بأنه ما لم تحدث تغييرات على الأرض في اليمن -وهو بكل أسف لا يمكن تحقيقه إلا بإيقاع الهزيمة الكاملة بالحوثيين واستعادة بلادهم المختطفة من ميليشيا إرهابية- لن تكون هناك محادثات سلام بين طرفي النزاع اليمني.

ومما قاله جونز: «إن مهاجمة السعودية ليست حلاً للأزمة في اليمن، وإنما هي رد أوروبي ناعم ومأمون، أو في بعض الحالات محض استمرار للحرب الباردة»، مشدداً على أن كثيراً من الخسائر في صفوف المدنيين في اليمن تُعزى إلى استخدام الحوثيين المدنيين دروعاً بشرية في طريق «القوات المتحالفة».

ويلفت جونز إلى إنه لم يسمع قط عن أية منظمة غير حكومية تتحدث عن مشكلة الدروع البشرية، مشيراً إلى أن هذه المشكلة تواجهها القوات البريطانية في جبهات قتال عدة، خصوصاً في مسارح الأزمات التي يكون أحد أطرافِها لاعبين غير منتمين للدولة.

الأكيد أن تلك المنظمات التي تلعلع بمهاجمتها السعودية وحلفاءها، تمارس عبثاً ممنهجاً لتشويه صورتها، وهو ما ينبغي أن يتوقف من خلال ميثاق شرف دولي يرغمها على التقيد بالحقائق، وتوثيق أدلتها وفق المعايير القانونية. والمشكلة الكبرى أن تلك المنظمات يتولى إداراتها وتسيير بعض بعثاتها وتقاريرها أشخاص يكنون بغضاً وحقداً للسعودية وإنسانها وسياساتها، رغم العلاقات الإستراتيجية والشراكات العريقة بين الحكومات الغربية والرياض. وهي علاقات أفادت منها تلك البلدان من خلال تبادل المعلومات الأمنية التي أسهمت في إحباط هجمات إرهابية تهدد سلامة مواطني تلك البلدان، وهو أمر أقرّ به مراراً وعلى الملأ رئيسا وزراء بريطانيا السابق ديفيد كاميرون والحالية تيريزا ماي.