& &فهد الماجد

&على هامش رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد لتدشين الهيئة الملكية لرؤية تطوير محافظة العلا كوجهة للتراث العالمي؛ سألته مذيعة إحدى القنوات التلفزيونية وقد أعجبها ما رأته: «هل نحن بحضرة الدولة السعودية الرابعة؟» فكان الجواب على حد المثل العربي (قطعت جهيزة قول كل خطيب) قال -حفظه الله-بالنص: «نحن امتداد للدولة السعودية الثالثة».

وكما أعجبتني سرعة بديهة الأمير؛ فقد أعجبني أكثر صراحة الجواب ووضوحه. وإذا أردنا -أيها السادة والسيدات- أن نعرف المدى البعيد لهذا الجواب، فيجب أن نعرف أن هذه الدولة المباركة قامت على أسس راسخة ومبادئ صلبة قوية، اعتمدت الكتاب والسنة دستوراً، وكان لهذا دوره المؤثر في سعة المفهوم لمعالجة أمور الحياة، ونتج عن ذلك نتائج مهمة، وهي: أن المملكة لم تتقوقع في مسلك اقتصادي، أو مبدأ سياسي، وتعرف أهمية ذلك: إذا درست تاريخ كثير من الدول التي جربت ويلات بسبب تأطرها بهذه المسالك الاقتصادية والسياسية.

ونتيجة ثانية: أنه لم تقم في دولتنا معركة بين الدين والدنيا، بل كان منهج المملكة بسعة مفهوم الكتاب والسنة: «الجمع بين الأصالة والمعاصرة، ما حقق الاستمرار التاريخي، الذي كان يراهن كثير من الخصوم على أنه لن يتحقق».

وثم نتيجة ثالثة: وهي التفاعل الإيجابي مع التجارب الإنسانية، الذي أصبحت به المملكة جزءاً لا يتجزأ من هذا العالم الإنساني الواسع، تتكامل معه وتتفاعل، وتؤثر فيه وتتأثر به، ولها حضورها الريادي في المحافل كافة. وأصبحت المملكة نموذج «الاستقرار والاستمرار».

وثمّ إطلاق آخر يستخدمه بعضنا نتيجة ما يراه من تطوير وتحديث وهو: «السعودية الجديدة» وأنا أفضل «السعودية المتجددة» وبينهما فرق بلا شك، فمفهوم الجديدة أن ثم قديمة فلدينا سعوديتان، بخلاف المتجددة فهي السعودية نفسها ولكنها تتجدَّد، وهذا مطلوب -بلا شك- عقلاً وشرعاً، فالذي لا يتجدد يهرم ومن ثم يفنى، هذا من جهة العقل، ومن جهة الشرع فالتجديد مطلوب حتى في الدين نفسه، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها أمر دينها».