& &شملان يوسف العيسى


اختلف المراقبون السياسيون حول تقييم الوضع في إيران بعد مرور 40 عاماً على ثورة الخميني فيها، فالبعض يرى أن الوضع أصبح أسوأ بكثير مما كان عليه في السابق، بينما يرى آخرون بأنها أصبحت أكثر نفوذاً وأن تدخلاتها زادت عما كانت عليه سابقاً. والأمر المؤكد هو أن إيران كانت وما تزال دولة رئيسة في المنطقة، وفي السابق أدى تحالفها مع الدولة العظمى (الولايات المتحدة) إلى أن تصبح القوة الإقليمية العظمى وشرطي الخليج.
واليوم، وبعد مرور أربعين عاماً على ثورة الملالي، ووضع شعار «الدفاع عن المستضعفين» وتبني مفهوم «تصدير الثورة»، والحصول على دعم قوي من روسيا الاتحادية والصين وكوريا الجنوبية.. يتكرر السؤال: ما هو الوضع الحقيقي لإيران الآن؟ البعض يرى بأنها أصبحت أكثر قوة ونفوذاً من السابق، بينما يرى آخرون أن الأوضاع الإنسانية الداخلية لا تسمح لها بأن تكون قوة إقليمية ذات تأثير كبير؛ فالأحوال الاجتماعية والإنسانية للشعب الإيراني تردت كثيراً على جميع المستويات. والمتابعون يرجعون السبب إلى عوامل منها: الحصار الاقتصادي الخانق، وسوء الإدارة الحكومية تحت حكم الملالي، ونشوء طبقة من رجال الدين الفاسدين الذين يهيمنون على مقدرات الشعب تحت حكم استبدادي طائفي مطلق صادرت فيه جميع حقوق المعارضين (حتى المتدينين منهم) مصادرة ومنتهكة. هذا الوضع السياسي الخانق أدى إلى هجرة الكفاءات الإيرانية إلى الخارج، كما اشتدت وتيرة الاضطهاد والمصادرة بحق كل من يعارض النظام، وإن كانت وجهة نظره وطنية إصلاحية. كما صودرت حقوق الأقليات غير الفارسية (من عرب وكرد وتركمان وبلوش وغيرهم) مما ولد حركات سياسية جديدة تؤمن بالعنف ضد النظام كان آخر تجلياتها مقتل 41 عنصراً من الحرس الثوري في هجوم انتحاري استهدف حافلة تحمل كوادر منه في منطقة جادغلي في إقليم بلوشتان جنوب شرق إيران.


والسؤال هو: هل طرأ أي تغير يذكر على السلوك السياسي الإيراني حيال الجوار الإقليمي العربي، منذ اندلاع ثورة الخميني؟ المفاهيم والشعارات الثورية ما تزال طاغية على توجه النظام الإيراني، وما يزال شعار تصدير الثورة قائماً إلى الآن، رغم تغير الساسة والمسؤولين بمن فيهم شاغل المنصب الرئاسي من رئيس جمهورية معتدل (خاتمي) إلى رئيس متطرف (أحمدي نجاد) إلى رئيس خليط غامض (روحاني).
ورغم حقيقة رفض الشعوب العربية وحكامها لكل المفاهيم والأطروحات الطائفية المتشددة التي يطرحها النظام الإيراني، فإن قادة هذا النظام يعملون بكل جهد وإصرار على التوسع في المنطقة العربية.. فهم لا يحترمون مبدأ التعاون والتآخي وحسن الجوار أو مبدأ سيادة كل دولة على أراضيها، بل نجد أن القيادة الإيرانية تفاخر بهيمنتها على أربع عواصم عربية مهمة، هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.&
ويبقى السؤال: هل هناك إمكانية لتغير طبيعة النظام الإيراني من نظام طائفي عدواني إلى نظام معتدل يحترم الاتفاقيات الدولية ومبدأ حسن الجوار؟
لا نتصور أن شيئاً سيتغير في السياسة الإيرانية اليوم، فهذه السياسة أصبحت أكثر تشدداً وتصلباً، لأن الحرس الثوري هو مَن يدير الأمور باسم المرشد خامئني.
ولعل أولى الخطوات المطلوبة من دول الخليج العربية حالياً هي توحيد صفوفها ونبذ خلافاتها وتأكيد وحدة شعوبها في الداخل والتعاون مع كل الدول التي تؤمن بالأمن والسلام في المنطقة والعالم.

&

&