&حمود أبو طالب

هل كان الأمير محمد بن سلمان حالماً أو مبالغا عندما قال في مؤتمر الاستثمار الذي عقد بالرياض أن الشرق الأوسط سيكون أوروبا الجديدة، وهل كان يقصد بذلك الجانب الاقتصادي أم السياسي أم الحضاري والثقافي أم كل ذلك، وعلى ماذا بنى فرضيته تلك لا سيما وهو يعرف جيداً أن كلامه يحسب له ألف حساب كونه المسؤول الثاني في أهم دولة عربية لناحية المركزية السياسية والوحيدة في مجموعة العشرين، ولأنه في كل الأحوال محط أنظار العالم في تلك اللحظة، وأن كل ما يقال ستتلقفه وسائل الإعلام وتخضعه للتحليل والتعليق والبحث والاستنتاج.

حقيقة الأمر أنه كان يعرف جيدا حيثيات ما قاله، فقد تحدث آنذاك عن الوضع الاقتصادي لعدد من دول الشرق الأوسط ونمو الدخل القومي فيها والتوقعات المستقبلية لزيادة الإنتاجية وتطور الاقتصاد، وبما أن العمق التأريخي والاستراتيجي والتقاطعات التأريخية والثقافية والمشتركات بين الدول العربية الشرق الأوسطية والأخرى غير العربية في هذا المحيط أكبر وأعمق كثيراً من غيرها، فإن الحكمة والحصافة السعودية تفتح الآن بابا أوسع للتحالفات باتجاه الشرق وصنع محاور اقتصادية وتكتلات استثمارية ضخمة من شأنها تحقيق قدر من التوازن العالمي الذي يتحكم فيه الغرب الآن، وربما إعادة ترتيب الخريطة الجيوسياسية في المنطقة بشكل يقلل من الأخطار المتمثلة في تحالفات أخرى تدعمها سراً أو علنا دول غربية كبرى.

المملكة بهذا النمط الجديد من الأداء السياسي الذي تسنده رافعات اقتصادية باتجاه الشرق تحاول تحقيق معادلة غير مسبوقة في التأريخ الحديث للمنطقة، ولذلك ولأسباب موضوعية أخرى ليس كثيراً عليها ولا مبالغة عندما توصف الآن بمركز الثقل السياسي في العالم العربي والإسلامي.