& نور أبو العلا

&لقد قفز إنتاج البترول الصخري الأميركي من فقط 500 ألف (نصف مليون) برميل في اليوم العام 2010 (قبل ثماني سنوات) إلى حوالي 7.02 ملايين برميل في اليوم بداية العام 2019.&أي تضاعف إنتاج البترول الصخري الأميركي أربعة عشر ضعفا في ثماني سنوات فقط، هذه الزيادة جعلت بعض الجهات الرسمية المختصة (كصندوق النقد، ووكالة الطاقة الدولية) تحذر دول الخليج بأنه يجب عليهم خفض أسعار بترولهم وإلا فإن البترول الصخري سيستولي على حصتهم في آسيا (عقر دار بترول الخليج).

لكن الجانب الآخر من الصورة الذي يجهله (أو يتجاهله) الجميع هو الجواب عن السؤال التالي:&تصوروا لو لم تأتِ هذه الزيادة الجديدة في إنتاج (عرض) البترول الصخري فمن أين ستأتي هذه الزيادة الضرورية لتلبية احتياج الاقتصاد العالمي للبترول؟

من دون وجود البترول الصخري سيحدث فجوة تتجاوز سبعة ملايين برميل بين العرض والطلب وبالتالي سيرتفع سعر البترول إلى مستويات غير مسبوقة (كما رأينا ملامحها عندما تجاوز سعر البترول 125 دولارا وتوقع الجميع أن يواصل السعر ارتفاعه). هذا الارتفاع المفاجئ والسريع في أسعار البترول من غير أن يكون الاقتصاد العالمي مُهيأ لتحمله ليس فقط سيعوق النمو الاقتصادي بل سيؤدي إلى انهيار اقتصاد العالم.

من الناحية النظرية سيظل الاقتصاد العالمي يُعاني لسنوات وسنوات من نقص البترول، ولكن لن يقف العالم مكتوف اليدين، بل سيحاول العالم التحول تدريجيا إلى مصادر الطاقة البديلة للبترول إلى أن يتكيّف معها، ولكن سينعكس الضرر على الدول المنتجة للبترول عندما يتحول العالم مضطرا إلى البدائل ويبدأ الطلب على بترولهم الانخفاض.

لكن من الناحية العملية لن&ينتظر العالم إلى أن يجد البدائل للبترول، بل سيحاول العالم الضغط على الدول التي لديها احتياطيات كبيرة لزيادة إنتاجهم، وستجد الدول الغنية بالبترول بأنه عليها التزام أدبي وإنساني بأن يزيدوا إنتاجهم لإنقاذ اقتصاد العالم.

لكن البترول مورد ناضب فزيادة إنتاجه سلاح ذو حدين، فرغم أنه سينقذ اقتصاد العالم فهو يضر اقتصاد الدول التي تعتمد عليه كمصدر للدخل. حيث ليس فقط يُقصِر عمر بترولهم بل أيضا تقل إيراداتهم من البترول ولا تكفي لتمويل إيجاد مصادر دخل بديلة عن دخل البترول.

الخلاصة: هكذا يُصْبحُ من الواضح أن البترول الصخري جاء ليسد الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب، ولولا مجيء الصخري لأصبح العبء ثقيلا على دول الخليج، حيث سيتهمونهم -إذا لم يزيدوا إنتاجهم لحد الاستنزاف- بأنهم كارتل يحتكرون ويرفعون أسعار البترول، كذلك تحول أميركا&إلى دولة تملك وتنتج وتصدر البترول سيجعلها تقاوم التحول السريع من البترول إلى البدائل وتعيق تطويرها، وإليكم الدليل: انسحاب أميركا من اتفاقية المناخ.