&عبدالله الغضوي&

عرفت المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة بدولة المفاجآت، وليست أية مفاجآت بل المفاجآت الشجاعة واللافتة، فيوم الثالث والعشرين من فبراير سيكون يوما تاريخيا بتعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة للسعودية في عاصمة القرار العالمي الولايات المتحدة الأمريكية، لتكون الدبلوماسية السعودية هذه المرة على يد وجه نسائي من بيت دبلوماسي عريق.

وبين زعيم الدبلوماسيين العرب وأحيانا كما يلقبه البعض «كيسنجر العرب» الأمير الراحل سعود الفيصل، وبين الأمير بندر بن سلطان أقدم سفير عربي في الولايات المتحدة الأمريكية سابقا، تأتي السفيرة السعودية الجديدة ريما بنت بندر بن سلطان، جامعة المجد والذكاء من كل أطرافه.

ثمة ندوات أقيمت في الولايات المتحدة الأمريكية ومراكز الدراسات البارزة شاركت فيها الشابة ريما ذات الرابعة والأربعين عاما ممثلة السعودية، بدت فيها مفوهة بليغة في لغتها الإنجليزية تبهر الحضور برؤيتها وحديثها الحداثي الواعي، وفي كل مرة من حضورها كانت ريما قادرة على التعبير عن عمق السعودية بكل جرأة واقتدار، كيف لا وهي ابنة أخت اللماح الذكي سعود الفيصل (رحمه الله) وابنة المدرسة الدبلوماسية بندر بن سلطان.

اختيار متفرد في ريما تستحقه بكل تأكيد، لما لها من تدرج أكاديمي سابق وقدرة في التعبير عن السعودية الجديدة، فهي المرة الأولى في المملكة العربية السعودية التي يتم اختيار امرأة كسفيرة وأيضا المرة الأولى التي تتولى فيه امرأة رتبة وزيرة، ومع ذلك المهمة الموكلة إلى الدبلوماسية الشابة ليست بالمهمة السهلة، فهي في مركز صناعة القرار العالمي، فضلا عن الظروف التي ستتولى فيها منصب السفيرة، خصوصا وأن المغرضين والمتربصين بالسعودية ودورها كثر ومن كل حدب وصوب.

لن تكون البيئة الدبلوماسية للسفيرة الشابة جديدة على تفاصيل حياتها، فهي ترعرعت في الولايات المتحدة الأمريكية طوال 22 عاما حين كان والدها سفيرا للسعودية وعميد الدبلوماسيين العرب، بينما بيت خالها الأمير الراحل سعود الفيصل يحمل بصماته في شخصية ريما، ناهيك عن دراستها في أعرق الجامعات الأمريكية جورج واشنطن، كل هذا الثراء والتراكم المعرفي والخبراتي سيمكن ريما من أداء المهمة، فهي في ذات الوقت وجه معروف في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم اختيارها في سبتمبر (أيلول) 2014 ضمن قائمة مجلة «فوربس» لأقوى 200 امرأة عربية كما تم تضمينها في قائمة كبار المفكرين العالميين التي أصدرتها مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية المرموقة 2014.. وها هي الآن في قلب الدولة العظمى (الولايات المتحدة الأمريكية) تمثل أيضا دولة عظمى في الشرق الأوسط.. المملكة العربية السعودية.

ويرى الأكاديمي الإماراتي اللامع الدكتور عبدالخالق عبدالله في تعيينها، فيه من الحكمة والحنكة الشيء الكثير ويحمل في طياته دلالات إيجابية من حيث حسن الاختيار والتوقيت المناسب.

فالسفيرة ريما هي قدوة فكرا وسلوكا وخلقا، وهي كفاءة نسائية عربية من الطراز الأول وتأتي إلى هذا المنصب بجدارة، خصوصا بعد أن أكدت حضورها في أكثر من مناسبة ورسخت وجودها في أكثر من موقع.

ولم يفت عبدالخالق أن ينوه لجذورها الدبلوماسية، إذ أشار إلى أن الدبلوماسية تسري في عروقها منذ نشأتها الأولى وكأنها خلقت لتمثل السعودية ملكا وحكومة وشعبا في واحدة من أكثر الأدوار الدبلوماسية صعوبة وفِي واحدة من أكثر العواصم السياسية أهمية للسعودية وفِي وقت هو من أصعب الأوقات.

أما على مستوى التحدي والتمثيل الذي ينتظر الأميرة ريما، فقال الأكاديمي الإماراتي أنا وغيري على يقين أنها بقدر المسؤولية وبمستوى التحدي وستقدم أفضل ما عندها وسترحب بها واشنطن أفضل ترحيب وستستقبل بأفضل استقبال من الوسط السياسي والإعلامي في أمريكا وأعتقد أنها ستبدأ عهدا جديدا في العلاقات بين البلدين وسيبدأ معها عهد جديد في العمل الدبلوماسي السعودي.

إذاً السؤال الكبير في مهمة سوبرمان الدبلوماسية.. كيف تعيد السفيرة ريما بنت بندر رسم الخارطة الدبلوماسية السعودية في أعقد مكان سياسي في العالم، هنا يكمن التحدي ورهان السعودية على اختيار المرأة السفيرة لتقتحم عالم الدبلوماسية من أوسع الأبواب.