&FINANCIAL TIMES

&مايكل ماكينزي&

لعل ارتفاع العزوف عن المخاطر في أواخر العام الماضي هو ما فسر جاذبية شراء الذهب، ومع ذلك استمر الارتفاع في 2019، حيث صعد المعدن النفيس إلى أكثر من 1341 دولارا للأوقية، وهو ذروة جديدة منذ نيسان (أبريل) من العام الماضي.&
إذا كانت الأسواق تضع فعلا الاضطراب في كانون الأول (ديسمبر) الماضي وراء ظهرها، فإن الذهب ينبغي أن يضعف مثلما كان يفعل الين الياباني، وهو ملاذ تقليدي آخر، في الآونة الأخيرة.
باستثناء ارتفاع الذهب الآن بنسبة 12 في المائة من مستوى منخفض بلغ 1200 دولار في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، من المتوقع أن يختبر المستوى 1360 دولارا قريبا، وهو أعلى مستوى له منذ كانون الثاني (يناير) من العام الماضي.
يجادل بعض الناس من أن الخلاف التجاري بين الصين والولايات المتحدة الذي لم يحل بعد، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وغيرها من نقاط الاشتعال السياسية الأخرى مثل انتخابات البرلمان الأوروبي، تجعل حياة عشاق الذهب فخمة ومريحة. قد يفسر ذلك سبب عدم تأثير انتعاش الدولار على الذهب في الفترة الأخيرة، في حين أنه منذ نيسان (أبريل) من العام الماضي، فإن العملة الاحتياطية القوية سببت الأذى بالتأكيد. يبدو بالفعل أن الذهب مدعوم بعلامات وصول الدولار إلى أعلى مستوياته في الوقت الحالي. يقع مؤشر الدولار تحت 97 نقطة، ولم يرتفع حتى الآن ليصل إلى ذروة 97.54 نقطة، التي سجلها في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.


ومما يجدر ذكره أيضا أن انخفاض عائدات السندات الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى نحو 0.80 في المائة بعد ارتفاعها إلى 1.20 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، هو مصدر آخر لدعم الذهب.
بالنسبة إلى الأصول التي لا تحمل فائدة، يبدأ الذهب في الظهور بشكل أفضل إذا كانت أسعار الفائدة العالمية تتجه فعلا نحو الانخفاض، خاصة في الولايات المتحدة، حيث لا تزال جاذبية النقد من خلال سندات الخزانة لأجل ثلاثة أشهر، التي تدفع في اتجاه جاذب يبلغ نحو 2.4 في المائة.
كما أن الارتفاع الأخير في الذهب هو دلالة على عمليات شراء ضخمة من قبل المصارف المركزية، التي ارتفعت في عام 2018 إلى أعلى مستوى لها منذ نحو نصف قرن في العام الماضي، حيث باعت بلدان مثل روسيا سندات الخزانة الأمريكية وعملت على تنويع احتياطياتها.
المكان الذي يصبح مثيرا للاهتمام هو أن الموقع الذي تشير إليه متانة الذهب يقع بالضبط وراء أفق الأسواق.&


تتزامن أعلى نقطة للمعدن اليوم مع أحاديث وبيانات البنك المركزي الحمائمية، وكلها تشير إلى وجود مخاطر أكبر لانخفاض عوائد السندات العالمية، وضعف النمو الاقتصادي.&
صحيح أن ذلك ينطوي على تضخم ضعيف، لكن أداء الذهب القوي في الآونة الأخيرة هو دلالة على توقعات بوجود رغبة أكبر لدى المصارف المركزية، في محاولة لتحفيز ضغوط الأسعار الاستهلاكية من خلال المال السهل.
كان هذا هو الشاغل الكبير الذي برز نتيجة زيادة الذهب من 700 دولار في أواخر عام 2008، إلى مستوى مرتفع بلغ 1900 دولار بحلول أيلول (سبتمبر) 2011، حين رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي جهود التسهيل الكمي.&
ومع تعثر الهدف المتمثل في ارتفاع التضخم، يظهر الذهب مرة أخرى علامات الزخم، في الوقت الذي تستعد فيه المصارف المركزية لاتباع دورة غسيل تامة.
قال هاروهيكو كورودا محافظ بنك اليابان أمام البرلمان إن البنك المركزي سينظر إلى تخفيف السياسة، إذا أثرت تحركات العملة في أسعار المواد الاستهلاكية.&
مثل هذا الاعتراف يؤكد على الرسالة الآتية من سوق السندات، في الوقت الذي كان فيه العائد على السندات لأجل عشر سنوات أدنى من الصفر منذ أواخر العام الماضي، وهي منطقة لم تتم زيارتها لأي فترة زمنية منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2016.
تلقى الدولار الأسترالي ضربة ولا يزال عالقا بالقرب من أدنى المستويات التي لم نشهدها منذ أواخر 2015 وبداية 2016، بعد صدور محضر اجتماع البنك المركزي الأسترالي الحمائمي.&
وباعتباره وسيطا يشير لآفاق النمو في الصين، فإن أستراليا وألمانيا هما مقياسان حساسان.
بالتأكيد، انخفض مؤشر زيو Zew للظروف الحالية في ألمانيا بنحو 12.6 نقطة بالمعدل الشهري ليصل إلى 15 نقطة في شباط (فبراير) الماضي، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2014، إلا أن ذلك يظل أقل بكثير من التوقعات عند 23، وفقا لما ذكره محللون استطلعت وكالة "رويترز" آراءهم.&
هناك علامة خطر أخرى ترفرف مع بيانات التضخم في السويد التي كانت دون التوقعات، ما وضع علامة استفهام كبيرة بجانب تشديد سياستها في كانون الأول (ديسمبر) الماضي - التي تركت معدلات الفائدة عند ربع نقطة تحت الصفر - من قبل البنك المركزي السويدي.
براد بيتشل من "جيفريز" يقول إن: "تقرير مؤشر الأسعار الاستهلاكية من السويد يشكك في حكمة قرار البنك المركزي السويدي بزيادة أسعار الفائدة أخيرا، وأنا أحب النظر إلى البنك على أنه مؤشر رئيس على تفكير البنك المركزي في منطقة اليورو. وحقيقة أن المصرف قد زاد سعر الفائدة هو علامة جيدة من وجهة نظري، وأعطتني الثقة بأن البنك المركزي الأوروبي، قد يفاجئنا في الخريف.&
قراءة مؤشر الأسعار الاستهلاكية والضعف المستمر في البيانات في منطقة اليورو، يجعل من الصعب التمسك بهذه الملاحظة. على أنني أتمسك بها الآن".
الأسواق في الغد ستدقق في محاضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لشهر كانون الثاني (يناير) الماضي.&
يتوقع المستثمرون النقاش حول الوقت الذي سيتوقف فيه تقليص الميزانية العمومية.&


هناك أيضا إشارات تدل على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يتطلع إلى تغيير نهجه تجاه القسم المتعلق بالتضخم في مهمته المزدوجة، وهذا بالتأكيد أمر مهم بالنسبة للذهب أيضا.
يلاحظ بيل أودونيل من "سيتي" أن هناك علامات تشير إلى حدوث تحول في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث "لا ترتكز توقعات التضخم بشكل جيد فحسب، بل ترتكز على أرضية تاريخية بسبب بعض المقاييس".
في مقابلة أجرتها وكالة "بلومبيرج" أخيرا مع بيل دادلي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق في نيويورك، أبرزت تركيزا على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيسجل هدفا للتضخم بنسبة 2 في المائة في المتوسط ، أو بعبارة أخرى، إذا فوت البنك هدف التضخم في الاتجاه الهبوطي، فإن ذلك سيجعل الأمور أكثر سخونة قليلا، لإنعاش التضخم مرة أخرى مع مرور الوقت.
كما يلاحظ بيل: أن "النتيجة التي نتوصل إليها هي أن تحولا متصورا أو حقيقيا نحو نظام متوسط التضخم ينبغي، في حال تساوي جميع الأمور الأخرى أي بقائها على حالها، أن يعمل على تخفيض المنحنيات بشكل حاد، وتعزيز نقاط التعادل لأوراق الخزانة المحمية من التضخم، وزيادة علاوة الفترة، مع الزمن".&
أي بنك مركزي يرغب في تسخين الأمور ينبغي أن يساعد الذهب، بالتالي يبدو بالتأكيد أن هناك إمكانية لمزيد من القوة.

&